معالجة المفاهيم الخطأ بشأن الأسلحة البيولوجية والكيميائية والأطر القانونية ذات الصلة

مقدمة الموقع

تشكل صفحة الويب هذه والتقرير ذو الصلة النواتج الأولية لمشروع نفذته VERTIC في عامَي 2022 و2023، بتمويل من مركز المملكة المتحدة لمكافحة انتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والحد منها التابع لمكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية. ويتمثل الغرض الرئيسي من هذا المورد في دحض المفاهيم الخطأ حول الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والصكوك الدولية ذات الصلة. فهو يعالج المفاهيم الخطأ بشأن الأسلحة البيولوجية والكيميائية والأطر القانونية ذات الصلة التي حددها فريق VERTIC من خلال التفاعل مع الدول على مدى 20 عامًا من العمل على هذه المعاهدات، ومن خلال مصادر أخرى مثل وسائل الإعلام. يُقَسم كل مفهوم خطأ إلى شرح للمفهوم الخطأ وآثاره وكيفية معالجته. ثم يتم دحض المفاهيم الخطأ من خلال المناقشات الواقعية والقانونية، مع دعمها بتعليقات الخبراء.

ومن خلال معالجتها للمفاهيم الخطأ القديمة، يتوقع لهذه الصفحة أن تستمر في كونها ذات صلة على المدى المتوسط والطويل في توجيه الرأي العام والمناقشات والقرارات الصادرة عن اجتماعات المعاهدة. كما تضمن الصفحة إتاحة المعلومات ذات الصلة مجانًا وبتنسيق يسهل الوصول إليه وقراءته. ونأمل أن يكون هذا المورد قادرًا على تقديم فوائد ملموسة لمجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، ومنهم المشرعون وواضعو السياسات والخدمات الدبلوماسية والخبراء الفنيون والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمهنيون من الشباب والطلاب في هذا المجال، وكذلك وسائل الإعلام وعامة الناس. وسيكون بمثابة أداة مفيدة يمكن لواضعي السياسات استخدامها لمواجهة سوء الفهم، ومساعدة الخبراء الفنيين على معالجة المفاهيم الخطأ في أثناء التدريب أو أنشطة زيادة الوعي وتعميق فهم القراء غير المطلعين على الإطار الدولي ذي الصلة. قد تسعى VERTIC أيضًا إلى تحديث الصفحة بشكل مستمر لدحض المفاهيم الخطأ الجديدة حول الأسلحة البيولوجية والكيميائية التي قد يواجهها الموظفون، إذا أتاح التمويل ذلك.

تم عرض هذه الصفحة والتقرير ذي الصلة خلال حدث فرعي للمؤتمر الاستعراضي التاسع لاتفاقية الأسلحة البيولوجية في 13 ديسمبر 2022، بحضور متحدثين من حكومة المملكة المتحدة ومؤسسة البحوث الاستراتيجية ومعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح.

  • VERTIC وبرنامج تدابير التنفيذ الوطنية

    VERTIC (مركز أبحاث التحقق والتدريب والمعلومات) هو منظمة خيرية مستقلة غير هادفة للربح مقرها لندن، المملكة المتحدة. تأسست VERTIC في عام 1986، وهي تدعم عقد الاتفاقيات الدولية وتنفيذها والتحقق منها والامتثال لها، وذلك من خلال البحث والتحليل والمساعدة والتدريب ونشر المعلومات والتفاعل مع المجتمعات الحكومية والدبلوماسية والفنية والعلمية وغير الحكومية. تعمل VERTIC بالتعاون مع الدول والمنظمات الدولية والحكومية الدولية والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمجال الصناعي وغيرهم، كما تراقب التطورات المتعلقة بالأنظمة في المجال العام الأوسع نطاقًا.

    يقدم برنامج تدابير التنفيذ الوطنية (NIM) الخاص بـ VERTIC، الذي تم إنشاؤه في عام 2008، المساعدة المُصممة خصيصًا للدول للالتزام بالوثائق الدولية وتنفيذها، ومنها تلك المتعلقة بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية والإشعاعية وأمن المواد ذات الصلة. يقدم برنامج تدابير التنفيذ الوطنية مساعدة مجانية من خلال زيادة الوعي والتحليل القانوني والصياغة التشريعية للدول المهتمة. لمدة تتجاوز عشر سنوات، شارك برنامج تدابير التنفيذ الوطنية في التحليل المنهجي وصياغة تشريعات التنفيذ الوطنية الخاصة باتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية. من خلال مشاركتنا مع أكثر من 145 دولة في جميع أنحاء العالم ومشاركتنا في العمليات الدبلوماسية والفنية، فقد قمنا بتطوير فهم فريد لنهج الدول لتنفيذ الاتفاقيات وما يشكل ممارسة فعالة.

  • المفهوم الخطأ 1: لا تتناول اتفاقية الأسلحة البيولوجية استخدام الأسلحة البيولوجية

    المفهوم الخطأ وآثاره
    من المفاهيم الخطأ الشائعة أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية لا تتناول استخدام الأسلحة البيولوجية. إذا تبين أن نظام اتفاقية الأسلحة البيولوجية أخفق في تناول استخدام الأسلحة البيولوجية، فإن ذلك سيمثل ثغرة خطيرة قد تفرض جدلاً أنها تقوض أهمية الاتفاقية. والاعتقاد في هذا المفهوم الخطأ قد يؤدي بالدولة الطرف إلى إساءة فهم مدى التزاماتها القانونية بموجب اتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    معالجة المفهوم الخطأ
    بموجب المادة الأولى من اتفاقية الأسلحة البيولوجية، تتعهد كل دولة من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية “بأن لا تعمد أبدًا، في أي ظرف من الظروف إلى استحداث أو إنتاج أو تخزين ولا اقتناء أو حفظ” الأسلحة البيولوجية. والجدير بالذكر أن التعهد بعدم استخدام الأسلحة البيولوجية لم يُذكر. خلال المفاوضات بشأن معاهدة الأسلحة البيولوجية، تم اقتراح الحظر الصريح، ولكن شعرت بعض الدول أن هذا غير مناسب لعدة أسباب، ومن ثمَّ لم يتم تضمين المصطلح في المقترحات اللاحقة.[1] ومع ذلك، في اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وهي معاهدة مماثلة تحظر فئة من الأسلحة، تنص صراحة على حظر استخدام أي سلاح كيميائي بموجب المادة الأولى (1)(ب). ومع ذلك، على الرغم من حذف كلمة “استخدام” من نص المعاهدة، فإن اتفاقية الأسلحة البيولوجية تحظر ضمنيًا استخدام الأسلحة البيولوجية. وتحقق ذلك بثلاث طرق، وتحديدًا من خلال (1) حظر الحيازة، و(2) الإشارة إلى بروتوكول جنيف و(3) التفاهمات الإضافية التي توصلت إليها المؤتمرات الاستعراضية لاتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    حظر الحيازة: كما ذُكر أعلاه، تحظر المادة الأولى من اتفاقية الأسلحة البيولوجية حيازة الأسلحة البيولوجية. ومن أجل استخدام سلاح بيولوجي، يجب في معظم الحالات أن يمتلك الجاني السلاح أولاً. وعلى هذا النحو، فإن استخدام السلاح البيولوجي سيكون محظورًا ضمنيًا من خلال حظر حيازة مثل هذا السلاح.

    بروتوكول جنيف: تؤكد ديباجة اتفاقية الأسلحة البيولوجية على بروتوكول جنيف لعام 1925 لحظر استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات والوسائل البكتريولوجية للحرب (بروتوكول جنيف) من خلال الاعتراف بأهميتها ومساهمتها في التخفيف من ويلات الحرب. وتُشير الديباجة كذلك إلى أن الدول الأطراف “تُصر، من أجل البشرية جمعاء، على استبعاد إمكانية استخدام العوامل البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينات كأسلحة”. يحظر بروتوكول جنيف مثل هذا الاستخدام للأسلحة البيولوجية كأساليب للحرب، عندما توافق الدول الأطراف في البروتوكول “على توسيع هذا الحظر ليشمل استخدام أساليب الحرب البكتريولوجية وتوافق على الالتزام بذلك فيما بينها وفقًا لبنود هذا الإعلان”. تعزز المادة الثامنة من اتفاقية الأسلحة البيولوجية كذلك حظر استخدام الأسلحة البيولوجية. وتنص على أنه: “ليس في هذه الاتفاقية أي نص يصح تأويله على أنه يحد أو ينتقص بأي حال من الأحوال من الالتزامات المترتبة على أية دولة بموجب بروتوكول حظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها وللوسائل البكتريولوجية، الموقع عليه في جنيف في 17 حزيران (يونيه) 1925”. يوسع عنوان اتفاقية الأسلحة البيولوجية ونصها من فهم الأساليب “البكتيرية” و”البيولوجية” للحرب ويشيران أيضًا إلى التكسينات، ما يدل على تطور في فهم فئة الأسلحة. لذلك، فإن الإشارات إلى البروتوكول الواردة في اتفاقية الأسلحة البيولوجية تضمن شمولها لهذا الاستخدام. يناقش المفهوم الخطأ 14 الوارد في هذا التقرير بمزيد من التفصيل أهمية بروتوكول جنيف ويوضح كيفية ارتباطه باتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    المؤتمرات الاستعراضية: توفر الوثائق النهائية للمؤتمرات الاستعراضية اتفاقية الأسلحة البيولوجية إرشادات بشأن تفسير الاتفاقية، وتحدد فهم الدول الأطراف لالتزاماتها بموجب الاتفاقية. أكدت المؤتمرات الاستعراضية المتتالية أن استخدام الأسلحة البيولوجية من قبل الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية سيمثل انتهاكًا للمعاهدة، حيث أشارت الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن إلى “أن استخدام الدول الأطراف لأي عوامل جرثومية أو غيرها من العوامل البيولوجية أو التكسينات، بأي طريقة وتحت أي ظروف، بما لا يتفق مع أغراض الوقاية والحماية أو الأغراض السلمية الأخرى، يعد انتهاكًا فعليًا للمادة الأولى.”[2] وعلى هذا النحو، فإن أي استخدام لسلاح بيولوجي بواسطة أي من الدول الأطراف يعتبر انتهاكًا للمادة الأولى من اتفاقية الأسلحة البيولوجية. ولذلك فإن الالتزام باتفاقية الأسلحة البيولوجية وتنفيذها مهمان لضمان عدم استخدام الأسلحة البيولوجية.

    [1] انظر على سبيل المثال أن بعض الدول “اعتبرت أن الأمر قد تمت تسويته بالفعل” بوضوح وبشكل لا لبس فيه “بموجب بروتوكول جنيف وأن بندًا يحظر الحرب البيولوجية فقط من شأنه أن ينتقص من البروتوكول الذي يحظر الحرب البيولوجية والكيميائية”. SIPRI, “The Problem of Chemical and Biological Warfare: Volume IV, CB Disarmament Negotiations, 1920-1970” في ص 316. لمزيد من المعلومات حول خلفية حذف مصطلح “استخدام” من نص اتفاقية الأسلحة البيولوجية، انظر “BWPP Biological Weapons Reader”، تأليف Kathryn McLaughlin وKathryn Nixdorff, 2009،‏ الفصل 2. “History of BTW Disarmament” Marie Isabelle Chevrier ص 13-19، Jean Pascal Zanders،‏ “The Meaning of ‘Emergency Assistance’: Origins and negotiation of Article VII of the Biological and Toxin Weapons Convention”, Working Paper, The Trench/Fondation pour la Recherche Stratégique, 2018, وJean Pascal Zanders وSusanna Eckstein, “The Prohibition of ‘Use’ under the BTWC: Backgrounder on relevant developments during the negotiations, 1969-1972”, SIPRI، المراجعة 2015. دارت مناقشات مماثلة في أثناء المفاوضات بشأن اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ومع ذلك فقد نصت على الاستخدام في النص النهائي لاتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    [2]انظر المؤتمر الاستعراضي الثامن للدول الأطراف في اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة، “الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن”، اتفاقية الأسلحة البيولوجية/المؤتمر الثامن/4، 11 يناير 2017، المادة 1 (3).

  • المفهوم الخطأ 2: مصطلح ``السلامة البيولوجية`` له معنى واحد فقط، وهو حماية التنوع البيولوجي

    المفهوم الخطأ وآثاره
    يتعلق هذا المفهوم الخطأ بنطاق مصطلح “السلامة البيولوجية” في بروتوكول قرطاجنة للسلامة البيولوجية الملحق باتفاقية التنوع البيولوجي (بروتوكول قرطاجنة) و”السلامة البيولوجية” في المختبرات، على النحو المحدد بواسطة منظمة الصحة العالمية (WHO)، والتي تتعلق بالتعامل الآمن مع العوامل البيولوجية والتكسينات. يمكن أن يقوض هذا المفهوم الخطأ الذي يبدو بسيطًا جهود الصياغة التشريعية إذا ما ترك انطباعًا خطأ بأن السلامة البيولوجية، كما عرفتها منظمة الصحة العالمية، منصوص عليها في نظام قانوني محلي في الحالات التي تكون فيها الدولة المعنية قد أنشأت بالفعل قواعد قانونية لحماية التنوع البيولوجي (أو ستفعل ذلك، إذا كانت الدولة تنوي تنفيذ بروتوكول قرطاجنة). عند تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية بما يتوافق مع المادة الرابعة من المعاهدة، أشار المؤتمر الاستعراضي الثامن للاتفاقية إلى أنه ينبغي للدول الأطراف اعتماد تدابير السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي.[1] يمكن فهم الأمن البيولوجي ضمن مفهومه الواسع على أنه تدابير للمساعدة في منع الوصول غير المصرح به للعوامل البيولوجية أو ضياعها أو سرقتها أو إساءة استخدامها أو تحويلها أو إطلاقها بشكل متعمد. وتشمل أمثلة تدابير السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي التي يمكن تبنيها التدابير الخاصة باحتياطات وتأمين إنتاج واستخدام وتخزين ونقل العوامل البيولوجية والتكسينات الخطرة بشكل خاص.

    معالجة المفهوم الخطأ
    نظرًا إلى أن نص اتفاقية الأسلحة البيولوجية لا يحتوي على مصطلح “السلامة البيولوجية”، فمن المهم النظر في الوثائق الأخرى ذات القبول الدولي التي تُعرّف المصطلح. ومنها دليل منظمة الصحة العالمية للسلامة البيولوجية في المختبرات (LBM)، الطبعة الرابعة وثيقة إرشادية دولية مهمة وموثوق بها. تم تنقيح الدليل في عام 2020، وهو يقدم نهجًا معتمدًا على المخاطر في موضوعاته ويُعد بمثابة “معيار عالمي بحكم الواقع يقدم أفضل الممارسات ويحدد الاتجاهات في مجال السلامة البيولوجية.”[2] ويُعرّف السلامة البيولوجية بأنها “مبادئ وتكنولوجيات وممارسات الاحتواء التي يتم تنفيذها لمنع التعرض غير المقصود للعوامل البيولوجية أو إطلاقها بشكل عرضي.[3]” لذلك، تتعلق السلامة البيولوجية في هذا السياق بتدابير للمساعدة في منع التعرض غير المقصود أو الإطلاق العرضي للعوامل البيولوجية، لضمان أن الأنشطة السلمية التي تنطوي على مثل هذه المواد ليست ضارة لمن يتعامل معها ولعامة الناس. ويُشار إليها في بعض الأحيان “بالسلامة البيولوجية في المختبرات”. تُعرّف المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس (ISO) كذلك السلامة البيولوجية على نحوٍ مماثل في معيارها 35001:2019 بأنها إدارة المخاطر البيولوجية للمختبرات والمنظمات الأخرى ذات الصلة.[4]

    بروتوكول قرطاجنة هو “اتفاق دولي يهدف إلى ضمان التعامل والنقل والاستخدام الآمن للكائنات الحية المحورة (LMOs) الناتجة عن التكنولوجيا الحيوية الحديثة التي قد يكون لها آثار ضارة على التنوع البيولوجي، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا المخاطر على صحة الإنسان.”[5] وقد تم اعتماده كاتفاقية تكميلية لـ اتفاقية التنوع البيولوجي بتاريخ 29 يناير 2000 ويبلغ عدد الدول الأطراف فيها حاليًا 173 دولة.

    لم يتم تعريف السلامة البيولوجية صراحةً في نص بروتوكول قرطاجنة، ولكن مقدمة البروتوكول تنص على أن “السلامة البيولوجية هي إحدى القضايا التي تتناولها الاتفاقية. يُشير هذا المفهوم إلى ضرورة الحاجة إلى حماية صحة الإنسان والبيئة من الآثار الضارة المحتملة لمنتجات التكنولوجيا الحيوية الحديثة”. وتنشئ المادة 20 من البروتوكول كذلك آلية لتبادل معلومات السلامة البيولوجية، وهي آلية دولية لتسهيل تبادل المعلومات العلمية والفنية والبيئية والقانونية بشأن الكائنات الحية المحورة والخبرات المتعلقة بها، وذلك لمساعدة الأطراف على تنفيذ البروتوكول.

    لذلك، فثمة تداخل بين فهم السلامة البيولوجية فيما يتعلق باتفاقية الأسلحة البيولوجية ودليل منظمة الصحة العالمية للسلامة البيولوجية في المختبرات، حيث إنهما بموجب بروتوكول قرطاجنة يتناولان سلامة الكائنات الحية المحورة.[6] ومع ذلك، فإن نطاق السلامة البيولوجية في سياق اتفاقية الأسلحة البيولوجية والصكوك ذات الصلة مثل دليل منظمة الصحة العالمية للسلامة البيولوجية في المختبرات يُعد أوسع من حيث صلته بجميع العوامل البيولوجية أيًا كان مصدرها.

    علاوة على ذلك، فإن أهداف المعاهدتين مختلفة. حيث يمكن فهم الهدف من بروتوكول قرطاجنة على أنه حماية “الطبيعة من المخاطر المحتملة التي تشكلها هذه الكائنات من خلال وضع إجراءات يمكن أن تستخدمها البلدان لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استيراد هذه الكائنات.”[7] وعلى الجانب الآخر، تحظر اتفاقية الأسلحة البيولوجية استحداث وإنتاج وحيازة ونقل وتخزين واستخدام الأسلحة البيولوجية والتكسينية وتسعى إلى ضمان الاستخدام الآمن والمأمون للعوامل البيولوجية لمنع إساءة استخدامها.

    الاختلافات المذكورة أعلاه تعني أنه على الرغم من بعض التداخل، في تنفيذ المعاهدتين، ستحتاج الدول إلى وضع عددٍ من تدابير الرقابة المختلفة. وكما يُلاحظ أعلاه، فقد وضعت العديد من الدول تشريعات لتنفيذ بنود بروتوكول قرطاجنة مثل “قانون السلامة البيولوجية”. بسبب الاختلاف في النطاق ومجالات التركيز بين الصكين، فإن التشريع المُنَفِّذ لبروتوكول قرطاجنة لن يتناول متطلبات التنفيذ الوطنية الكاملة لاتفاقية الأسلحة البيولوجية المتعلقة بالسلامة البيولوجية. ولتحقيق التنفيذ الكامل لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، من الضروري أن تتخذ الدول تدابير على المستوى الوطني لمنع التعرض غير المقصود أو الإطلاق العرضي لجميع العوامل البيولوجية.

    [1] المرجع نفسه، المادة الرابعة – 11 (ج).

    [2] انظر منظمة الصحة العالمية، “دليل السلامة البيولوجية في المختبرات”، 21 ديسمبر 2020، راجع https://www.who.int/publications/i/item/9789240011311.

    [3] منظمة الصحة العالمية، “دليل السلامة البيولوجية في المختبرات: الطبعة الرابعة”، مسرد المصطلحات، الصفحة 10.

    [4] انظر المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس “المعيار ISO 35001:2019 إدارة المخاطر البيولوجية في المختبرات والمنظمات الأخرى ذات الصلة، “السلامة البيولوجية”.

    [5] اتفاقية التنوع البيولوجي، “بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة البيولوجية”، راجع https://bch.cbd.int/protocol/.

    [6] يُعرّف التعريف الوارد في المادة 1 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية، الأسلحة البيولوجية على أنها: “عوامل جرثومية أو عوامل بيولوجية أخرى، أو تكسينات أيًا كان أصلها أو طريقة إنتاجها.” وعلى هذا النحو، تُعد الكائنات الحية المحورة ضمن نطاق اتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    [7] حكومة كندا، “السلامة البيولوجية: بروتوكول قرطاجنة”، راجع https://www.canada.ca/en/environment-climate-change/corporate/international-affairs/partnerships-organizations/biosafety-cartagena-protocol.html

  • المفهوم الخطأ 3: البحوث البيولوجية عبر الحدود تنتهك اتفاقية الأسلحة البيولوجية

    المفهوم الخطأ وآثاره
    يتعلق هذا المفهوم الخطأ بالرأي القائل بأن التعاون الدولي في مجال الصحة العامة والبحوث البيولوجية عبر الحدود أمر مثير للشبهة بطبيعته وأنه يُعد انتهاكًا لاتفاقية الأسلحة البيولوجية. إن الدول كثيرًا ما تتعاون في البحوث المتعلقة بالعوامل البيولوجية والتكسينية للأغراض السلمية، ومع ذلك قد تنظر بعض الجهات الفاعلة التي تخلط بين البحث البيولوجي والبحث في مجال الأسلحة البيولوجية وتطويرها إلى ذلك باعتباره إشكالية. لا تتناول اتفاقية الأسلحة البيولوجية البحوث، في حين أن تطوير الأسلحة البيولوجية محظور بموجب المادة الأولى.

    من المهم أن نلاحظ أن هذا المفهوم الخطأ قد استُخدم في حملات التضليل للتشكيك في التعاون الدولي المشروع في مجال الصحة العامة والادعاء بأن بعض الدول تنتهك اتفاقية الأسلحة البيولوجية بتطويرها لأسلحة بيولوجية.

    معالجة المفهوم الخطأ
    لا يُعد التعاون عبر الحدود في البحوث المتعلقة بالعوامل البيولوجية والتكسينات انتهاكًا لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، ما لم تكن هذه البحوث مخالفةً للمادة الأولى (مثل بحوث تطوير سلاح بيولوجي). في الواقع، فإن معيار الغرض العام الذي تنص عليه المادة الأولى من الاتفاقية يقضي بأن اعتبار عامل بيولوجي أو تكسيني سلاحًا بيولوجيًا يعتمد على الغرض من المادة ذات الصلة. علاوة على ذلك، فإن الأسلحة البيولوجية هي عوامل وتكسينات “من الأنواع وبالكميات التي لا تكون موجهة لأغراض الوقاية والحماية أو غيرها من الأغراض السلمية،” وهذا يثبت بأن الأنشطة التي تنطوي على مثل هذه المواد لأغراض معينة مسموح بها بموجب الاتفاقية. وعلى هذا النحو، فإن الأنشطة التي تنطوي على عوامل بيولوجية وتكسينات لأغراض الوقاية والحماية أو للأغراض السلمية الأخرى لا تعد انتهاكًا لاتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    ومن المهم أيضًا ملاحظة أن هذا التعاون الدولي في البحوث يُفهم تحديدًا أنه سيتم تناوله في نص المادة العاشرة من اتفاقية الأسلحة البيولوجية. وبموجب هذا الحكم، فإن الدول الأطراف تتعهد “بتيسير أوسع تبادل ممكن للمعدات والموارد والمعلومات العلمية والتكنولوجية” للأغراض السلمية. ومن الأوجه الرئيسية لهذا التبادل بناء القدرات والبحوث المتعلقة بالأمراض المعدية. كما دعت المؤتمرات الاستعراضية المتعاقبة لاتفاقية الأسلحة البيولوجية إلى ما يلي:

    “تحث الدول الأطراف التي تستطيع دعم بناء القدرات، سواء بشكل مباشر أو عن طريق المنظمات الدولية، على مواصلة ذلك في الدول التي تحتاج المساعدة في مجال مراقبة الأمراض المعدية وكشفها وتشخيصها ومكافحتها والبحوث ذات الصلة.”[1]

    غالبًا ما تقدم الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية ذات الأنظمة المتقدمة المساعدة في مجالات مراقبة الأمراض المعدية وكشفها وتشخيصها ومكافحتها والبحوث ذات الصلة لبناء القدرات، إدراكًا للآثار عبر الحدود المحتملة لتفشي الأمراض المعدية. كان هذا التعاون، على سبيل المثال، بالغ الأهمية في مكافحة جائحة كوفيد-19، كما يقدم فوائد جلية للبشرية.[2] علاوة على ذلك، أشارت التفاهمات الإضافية المتعلقة بالمادة السابعة من المعاهدة إلى أن التأهب الوطني هو العامل الرئيسي لمنع أو التصدي لاستخدام الأسلحة البيولوجية وأن الدول الأطراف يمكن أن تتعاون في بناء مثل هذه القدرات.[3]

    وبشكل عام، فقد تم تلخيص الموقف بموجب القانون الدولي مؤخرًا بواسطة الدكتور جان باسكال زاندرز، الخبير المستقل في الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، الذي ذكر أن: “الأسلحة البيولوجية محظورة؛ لكن البحوث البيولوجية ليست كذلك”.[4] تحظر اتفاقية الأسلحة البيولوجية التسلح بالعوامل البيولوجية والتكسينات، لكنها تيسر استخدام هذه المواد للأغراض السلمية. وبموجب معيار الغرض العام، وبمقتضى الغرض منه، يختلف التحضير لإنتاج أو تطوير الأسلحة البيولوجية عن الأبحاث المسموح بها.[5] تتيح مسألة البحوث عبر الحدود للدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية أن تحظى بفوائد الأنشطة السلمية التي تنطوي على عوامل بيولوجية وتكسينات وبناء القدرات على المستوى الوطني لمكافحة الأمراض المعدية. ولا ينبغي الافتراض بأن التعاون الدولي فيما يتعلق بالبحوث الخاصة بالعوامل البيولوجية أمر يثير الشبهة، فقد ساعد في إنقاذ الأرواح في شتى أنحاء العالم.

    [1] انظر على سبيل المثال، “الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن”، المادة العاشرة، 64 (هـ).

    [2] انظر “البيان المشترك حول مساهمة الشراكات التعاونية في الحد من تهديد الأمن الصحي العالمي”، بتاريخ 29 أغسطس 2022 الصادر عن حكومات الولايات المتحدة الأمريكية، وأرمينيا، وجورجيا، والعراق، والأردن، وليبيريا، والفلبين، وسيراليون، وأوغندا، وأوكرانيا، راجع https://www.state.gov/joint-statement-on-the-contribution-of-cooperative-threat-reduction-partnerships-to-global-health-security.

    [3] انظر على سبيل المثال، “الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن”، المادة السابعة.

    [4]EU vs Disinfo, “Biological weapons are banned; biological research is not”، ‏08 ‏أبريل 2022، راجع https://euvsdisinfo.eu/biological-weapons-are-banned-biological-research-is-not/.

    [5] انظر Walter Krutzsch, Eric Myjer, Ralf Trapp, “The Chemical Weapons Convention: A Commentary”, Oxford Commentaries on International Law, أغسطس 2014، المادة 1 لمناقشة مماثلة حول تطوير أسلحة كيميائية في مقابل البحوث المسموح بها.

  • المفهوم الخطأ 4: الأسلحة البيولوجية عفّى عليها الزمن

     يتمثل المفهوم الخطأ في النظر إلى الأسلحة البيولوجية على أنها ليست مفيدة عسكريًا أو استراتيجيًا ومن ثمَّ قد عفّى عليها الزمن. تنبع فكرة أن الأسلحة البيولوجية ليست مفيدة من عدد من التحديات تتعلق باستخدامها في ساحة المعركة والفكرة القائلة بأن فائدتها قد تكون محدودة مقارنةً بالاستثمار المطلوب لإنشاء برنامج أسلحة بيولوجية. وهناك العديد من الخصائص التي تحد من فائدتها العسكرية، مثل التحديات المتعلقة بفترة الحضانة، والاحتواء، والمثابرة، وعدم الاستقرار، والعدوى، والأثر الرجعي.[1] علاوة على ذلك، فإن الأمثلة على استخدام الأسلحة البيولوجية في التاريخ الحديث نادرة نسبيًا ولم يتم تأكيد حالات الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة البيولوجية في ساحات المعارك منذ عقود.[2]

    تداعيات هذا المفهوم الخطأ هو أن الأسلحة البيولوجية لا تشكل تهديدًا لأنها ليست مفيدة للجهات المعادية، وعليه ينبغي إيلاء القليل من الاهتمام لمواجهة المخاطر التي تنطوي عليها انتشار مثل هذه الأسلحة.

    معالجة المفهوم الخطأ
    على الرغم من الافتقار إلى الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة البيولوجية في الآونة الأخيرة، فإنها لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا وخطيرًا للسلام والأمن الدوليين. فقد سعت جهات فاعلة غير حكومية إلى تطوير واستخدام أسلحة بيولوجية في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال تمت محاكمة شخصين مرتبطين بداعش/الدولة الإسلامية في العراق والشام في ألمانيا بتهمة إنتاج سلاح بيولوجي.[3] لذلك فإن الخطر الجلي المتمثل في التأثير الكبير المحتمل للإرهاب البيولوجي والجرائم البيولوجية يمثل تحديًا كبيرًا لمسؤولي إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم.

    شهد القرن الحادي والعشرون تطورات ملحوظة في العلوم والتكنولوجيا، ما أدى إلى تغيير إمكانات الأسلحة البيولوجية. حيث يمكن للتقنيات الحيوية الجديدة، التي تشمل الذكاء الاصطناعي والأحياء التركيبية وعلم الوراثة، أن تزود الدول والجهات الفاعلة الأخرى بوسائل جديدة لإنتاج الأسلحة البيولوجية. أشارت كاثرين شارليت، المديرة الأولى لبرنامج الشؤون الدولية والتكنولوجيا في مؤسسة كارنيجي في عام 2018، إلى أن التقنيات الجديدة يمكن أن تقلل من الحواجز التي تحول دون المشاركة في برامج الأسلحة البيولوجية، مشيرةً إلى أن “العوامل المشتركة ذات التكلفة المنخفضة، وسهولة الوصول، والفعالية المتزايدة… قد تحفز المارقة والدول الصغيرة لإعادة النظر في المنفعة الهامشية للاستثمار في الأسلحة البيولوجية.”[4] إن عدم استخدام الأسلحة البيولوجية في التاريخ الحديث أمر مرحب به، ومع ذلك لا ينبغي أن يؤخذ على أنه مؤشر على أن هذه الأسلحة لن تُستخدم مجددًا.

    وأخيرًا، من الضروري النظر في التأثير المدمر الذي يمكن أن يحدثه الهجوم بالأسلحة البيولوجية في ظل عالم مترابط. لقد أظهرت جائحة كوفيد-19، رغم أنها ليست نتيجة لسلاح بيولوجي، خطر انتشار العوامل البيولوجية الخطرة. كما صرحت السيدة إيزومي ناكاميتسو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لشؤون نزع السلاح:

    “لقد شهدنا الآثار الاقتصادية والإنسانية الكارثية لجائحة كوفيد-19، والتي لا تزال قائمة حتى اليوم. وقد أظهر تأثير الجائحة المغيّر للحياة بوضوح الدمار الذي قد يحدث جراء استخدام عوامل بيولوجية مماثلة عن قصد لأغراض ضارة.”[5]

    لقد أدت التداعيات القاتلة للعوامل البيولوجية التي ظهرت خلال الجائحة إلى زيادة التركيز على أمن هذه العوامل، ومن الأهمية بمكان ألا تتمكن الجهات المشبوهة من الوصول إلى المواد اللازمة لتطوير الأسلحة البيولوجية. إن تأثير سلاح بيولوجي ليس على مستوى الجائحة العالمية يمكن أن يكون له عواقب وخيمة وتداعيات مزعزعة للاستقرار. وبشكلٍ عام، على الرغم من عقد اتفاقية الأسلحة البيولوجية والاستخدام المحدود للأسلحة البيولوجية في التاريخ الحديث، فإن التسلح بالعوامل البيولوجية لا يزال يشكل تهديدًا كبيرًا للبشرية. لذلك من الأهمية بمكان ضمان تنفيذ تدابير السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي المناسبة في جميع أنحاء العالم وتعزيز اتفاقية الأسلحة البيولوجية وقاعدة مكافحة الأسلحة البيولوجية.

    [1] “BWPP Biological Weapons Reader”، ص 10.

    [2] انظر W. Seth Carus, Defining “Weapons of Mass Destruction”, Center for the Study of Weapons of Mass Destruction Occasional Paper, No. 8، يناير 2012، ص 44.

    [3] Thomas Brown, “Judicial Enforcement of BWC and CWC implementing legislation” VERTIC Brief No. 34، فبراير 2022، ص4-3.

    [4] Katherine Charlet, “The New Killer Pathogens: Countering the Coming Bioweapons Threat”, Foreign Affairs, 17 أبريل 2018.

    [5] ملاحظات افتتاحية من السيدة إيزومي ناكاميتسو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لشؤون نزع السلاح، المشاورات المفتوحة بشأن الاستعراض الشامل لحالة تنفيذ القرار رقم 1540 (2004)، 31 مايو 2022.

  • المفهوم الخطأ 5: اتفاقية الأسلحة البيولوجية هي مجرد التزام سياسي

    المفهوم الخطأ وآثاره
    يتمثل المفهوم الخطأ في أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية غير قابلة للتنفيذ ومن ثمَّ فهي مجرد صك سياسي، نتيجة الافتقار إلى آلية تحقق دولية ملزمة قانونًا.

    من تداعيات هذا المفهوم الخطأ تقويض نظام المعاهدة وبنود الحظر بموجب المادتين الأولى والثالثة.[1] وهذا المفهوم الخطأ ناجم عن عدم وجود آلية تحقق وما يتعلق بها من آليات؛ وغالبًا ما تتناقض اتفاقية الأسلحة البيولوجية مع نظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية والآليات المختلفة للتحقق والرصد الخاص بهذه الأخيرة. إن هذا المفهوم الخطأ يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على المستوى الدولي من خلال إضعاف مجالات الحظر الأساسية المنصوص عليها في اتفاقية الأسلحة البيولوجية، وعدم تقويض انتهاكات المعاهدة.

    معالجة المفهوم الخطأ
    أولاً، من المهم التنويه بأنه لا توجد آلية تحقق ملزمة قانونًا بموجب اتفاقية الأسلحة البيولوجية نتيجة تباين الآراء حول الشكل الذي ينبغي أن يتخذه ذلك التحقق والتحديات العملية المتعلقة بمثل هذه الأنشطة في هذا المجال.[2] جدير بالذكر أن “التحقق من اتفاقية الأسلحة البيولوجية يطرح تحديات فريدة وكبيرة بسبب طبيعة الاستخدام المزدوج للمواد والمعدات والمعرفة الفنية المطلوبة لبرنامج الأسلحة البيولوجية.”[3] وقد تناول المعلقون الخبراء النقاش حول التحقق من اتفاقية الأسلحة البيولوجية على نطاق واسع، وتتواصل المناقشات المتعلقة بالتحقق في أثناء الاجتماعات الدولية لاتفاقية الأسلحة البيولوجية وعلى هامشها.[4]

    على الرغم من هذا النقص الموثق جيدًا لآليات التحقق الشاملة، فإن اتفاقية الأسلحة البيولوجية لا تُعد غير قابلة للتنفيذ. حيث إن اتفاقية الأسلحة البيولوجية هي معاهدة دولية تنشأ عنها التزامات دولية ملزمة على الدول الأطراف بموجب القانون الدولي، ومن ثمَّ فهي ليست صكًا سياسيًا. ومن ثمَّ، فإن انتهاك المعاهدة، أي قيام دولة ما بتطوير سلاح بيولوجي، على سبيل المثال، سيشكل انتهاكًا للقانون الدولي. وعلى الرغم من عدم وجود آلية تحقق ملزمة، فقد أنشأت الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية مبادرات لزيادة الثقة والشفافية، وذلك لطمأنة بعضها بشأن عدم انتهاك المعاهدة. فعلى سبيل المثال، وافق المؤتمر الاستعراضي الثاني لاتفاقية الأسلحة البيولوجية على تبادل تدابير بناء الثقة (CBM)، التي تهدف إلى منع حالات الغموض والشكوك والريبة أو الحد منها وتحسين التعاون الدولي في مجال الأنشطة البيولوجية.”[5] وتساعد مبادرات الشفافية المهمة هذه على شعور الدول الأطراف بالثقة بشأن الأنشطة البيولوجية للدول الأخرى الأطراف. لقد أُنشئت وحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية (ISU) داخل الأمم المتحدة في أغسطس 2007 لتقديم الدعم الإداري فيما يتعلق باتفاقية الأسلحة البيولوجية جزئيًا لتلقي تدابير بناء الثقة وتوزيعها بين الدول الأطراف.

    يجب أن تعتمد كل دولة طرف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية حاليًا على مواردها الخاصة لتقييم امتثال الدول الأخرى الأطراف. ومع ذلك، فإن نص اتفاقية الأسلحة البيولوجية ينص على الآليات المختلفة في هذا الصدد، في مادتيه الخامسة والسادسة. حيث تنص المادة الخامسة على التعهد بالتشاور على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف والتعاون في حل أي مشاكل قد تنشأ فيما يتعلق بهدف اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو في تطبيقها؛ كما تنص المادة السادسة على حق أي طرف في تقديم شكوى إلى مجلس الأمن إذا لاحظ تصرف أي طرف آخر على نحوٍ يخالف التزاماته. وهذان البندان من المعاهدة يمنحان الدول الأطراف آليات للتعامل مع الانتهاكات المحتملة لاتفاقية الأسلحة البيولوجية على نحوٍ استشاري.

    وبذلك، فمن الواضح أنه في حين أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية ليس لديها نظام تحقق متقدم مماثل لنظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية، فإنها ليست مجرد صك سياسي. إن انتهاك المعاهدة يمثل خرقًا للقانون الدولي، وتتشاور الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية حول القضايا المتعلقة بالشفافية والامتثال للاتفاقية لتؤكد لبعضها عدم انتهاك ذلك الصك. ومع ذلك، فإن طبيعة الاستخدام المزدوج، والخصائص المعقدة الأخرى للمواد البيولوجية تعني أن التحقق في سياق اتفاقية الأسلحة البيولوجية قد ثبت أنه يشكل تحديًا. لذلك، فمن المهم أن تواصل الدول الأطراف البحث عن سبل لتعزيز اتفاقية الأسلحة البيولوجية، لضمان عدم انتهاك المعاهدة.

    [1] في المادة الثالثة من اتفاقية الأسلحة البيولوجية، تتعهد الدول الأطراف بعدم نقل أو مساعدة أو تشجيع أو حث أي شخص بأي شكل من الأشكال على تصنيع أسلحة بيولوجية أو الحصول عليها بأي طريقة أخرى.

    [2] انظر “BWPP Biological Weapons Reader”، الفصل 3.

    [3] Filippa Lentzos, “Compliance and Enforcement in the Biological Weapons Regime”, UNIDIR WMD Compliance & Enforcement Series, Paper Four، ص 7.

    [4] Sonia Drobysz, “Verification and implementation of the Biological and Toxin Weapons Convention”, The Nonproliferation Review, 27:4-6, 2020، ص 493.

    [5] مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، “إجراءات بناء الثقة”، راجع https://www.un.org/disarmament/biological-weapons/confidence-building-measures.

  • المفهوم الخطأ 6: أي استخدام لمادة كيميائية لإحداث ضرر يمثل ``سلاحًا كيميائيًا``

    المفهوم الخطأ وآثاره
    هناك فكرة مفادها أن أي استخدام لأي مادة كيميائية بقصد إحداث ضرر يجعل منها “سلاحًا كيميائيًا” على النحو المحدد في اتفاقية الأسلحة الكيميائية. ينبع هذا المفهوم الخطأ من سوء فهم تعاريف “السلاح الكيميائي” و”المادة الكيميائية السامة” بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية. وقد ظهر في الإعلام الحالات التي أدى فيها الاستخدام العسكري للمواد الكيميائية الخطرة إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين، ومن الأمثلة البارزة على ذلك استخدام الفوسفور الأبيض، واستخدام عوامل مكافحة الشغب لأغراض إنفاذ القانون[1] على الصعيد المحلي.[2]

    يوسع هذا المفهوم الخطأ نطاق ما يُنظر إليه باعتباره سلاحًا كيميائيًا ليشمل ما يخرج عن نطاق اتفاقية الأسلحة الكيميائية. ولهذا له العديد من الآثار. أولاً، يمكن أن يقوض ويزعزع ثقة الجمهور في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عندما يكون هناك تصور (غير صحيح) باستخدام الأسلحة الكيميائية ولا تحقق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيه لاحقًا. علاوة على ذلك، قد يؤدي الضغط على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق في الحوادث التي تقع خارج نطاق استخدام الأسلحة الكيميائية، وهو أمر خارج عن اختصاصها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    الأثر الثاني لهذا المفهوم الخطأ هو أنه يعوق إمكانية تطبيق السبل القانونية الدولية الأخرى على الحوادث التي على الرغم من أنها ليست حالات لاستخدام الأسلحة الكيميائية، فإنها مع ذلك تشكل جرائم بموجب القانون الدولي. إن التركيز على ما إذا كان السلاح المستخدم هو سلاح كيميائي، دون التركيز على كيفية استخدام السلاح، يهدد بالتحايل على التحقق الكافي من انتهاكات القانون الدولي. كما قد يؤدي ذلك إلى صعوبة تعريف جرائم الحرب ومقاضاة مرتكبيها.[3]

    معالجة المفهوم الخطأ
    المواد الكيميائية السامة: يرد الجانب الرئيسي المتعلق بهذا المفهوم الخطأ في تعريف اتفاقية الأسلحة الكيميائية للسلاح الكيميائي الوارد في المادة الثانية، الفقرة 1 (أ)، التي تُعرّف الأسلحة الكيميائية بأنها: “المواد الكيميائية السامة وسلائفها، فيما عدا المواد المُعدة منها لأغراض غير محظورة بموجب هذه الاتفاقية”. ثم يتم تعريف المواد الكيميائية السامة في الفقرة 2 على أنها: “أي مادة كيميائية يمكن من خلال مفعولها الكيميائي في العمليات الحيوية أن تحدث وفاة أو عجزًا مؤقتًا أو أضرارًا دائمة للإنسان أو الحيوان”. من المهم أن نلاحظ أن تعاريف “المواد الكيميائية السامة” و”الأسلحة الكيميائية” في اتفاقية الأسلحة الكيميائية يُنظر إليها على أنها موثوق بها ويتم تكرارها في معاهدات دولية أخرى مثل اتفاقية 2010 بشأن قمع الأعمال غير المشروعة المتعلقة بالطيران المدني الدولي.

    تُدرج منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعض العوامل الكيميائية، منها العوامل المسببة للتقرح والغازات الخانقة وعوامل الدم وعوامل الأعصاب، كأمثلة للمواد الكيميائية السامة التي يمكن تصنيفها على أنها أسلحة كيميائية إذا تم استخدامها لأغراض محظورة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية. وكما يتضح من مناقشة على مدونة Lawfare، “تعتمد هذه الأسلحة على الخصائص السامة لعواملها الأساسية عندما تتفاعل مع الوظائف الفسيولوجية للإنسان – أي” العمليات الحيوية.”[4] ومن الأنواع الأخرى للمواد الكيميائية، المواد الكيميائية المسببة للتآكل أو القابلة للاشتعال، والتي في حين أنها تُضر بالإنسان والحيوان، فإنها لا تسبب ضررًا مثل المواد الكيميائية السامة. لذلك، لا تقع هذه المواد الكيميائية ضمن نطاق اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    يتوسع التعليق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية حول هذا الأمر، فيُشير إلى أن “الأسلحة التي تستخدم تأثيرات المواد الكيميائية غير السمية لا تتناولها [اتفاقية الأسلحة الكيميائية]، حتى في حال وجود آثار جانبية سامة عند استخدام هذه الأسلحة. ومن الأمثلة على ذلك أسلحة اللهب أو الدخان التي تنتج آثارًا جانبية سامة ولكنها لا تعتبر أسلحة كيميائية بموجب الاتفاقية.”[5]

    الفوسفور الأبيضالفوسفور الأبيض هو مادة سامة يتم تصنيعها من صخور الفوسفات. يشتعل عند تعرضه للهواء، وينتج عنه دخان أبيض كثيف ويصل إلى درجات حرارة عالية للغاية تزيد عن 800 درجة مئوية. يمكن استخدامه من قبل الجيوش لإخفاء حركة القوات أو الإضاءة على الأهداف العسكرية[6]، وكذلك لتأثيره الحارق. وُجد أن الفوسفور الأبيض قد استخدم أثناء النزاع في الجمهورية العربية السورية في عام 2019 وتسبب في مقتل مدنيين.[7] وقد أدى ذلك إلى شكوك في استخدام الفسفور الأبيض كأسلحة كيميائية، ومن ثمَّ، دعت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى التحقيق في الأمر. يخضع استخدام الفسفور الأبيض لقيود بموجب أنظمة مختلفة بموجب القانون الدولي، يشمل ذلك القانون الدولي الإنساني، وفي ظروف معينة، البروتوكول الثالث للاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة. ويمكنه أن يسبب حروقًا خطيرة وإصابات مروعة للإنسان.

     

    ومع ذلك، لا ينطبق الفسفور الأبيض على تعريف السلاح الكيميائي لأن الضرر الذي يسببه لا ينتج عن تأثيره كمادة كيميائية سامة على العمليات الحيوية، كما هو موضح أعلاه. لن يقع ضمن نطاق اتفاقية الأسلحة الكيميائية “إلا إذا تم استخدامه على وجه التحديد لتأثيراته السامة، على سبيل المثال عن طريق حرق الفسفور الأبيض (WP) عمدًا في نفق بهدف خنق من فيه.”[8]

    في حالة مزاعم استخدام الفسفور الأبيض في الجمهورية العربية السورية في عام 2019، نقلت العديد من وسائل الإعلام عن متحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قوله إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كانت “تجمع المعلومات في مقرات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيما يتعلق بالاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية. “ولكن” ليس لديها ما يشير حتى الآن إلى استخدام أي مادة كيميائية سامة محددة كسلاح.”[9] إن استخدام الفوسفور الأبيض للأغراض العسكرية الموضحة أعلاه يقع خارج نطاق اختصاص اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وعلى هذا النحو، لم يتسنى لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إجراء مزيد من التحقيق في الحادثة.

    ومع ذلك، خضعت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتدقيق الدولي نظرًا إلى قرارها بعدم التحقيق في الحادث وأشارت التكهنات إلى أن القرار كان لدوافع سياسية. تقلل هذه الادعاءات من حقيقة أنه يجب أن تحقق السلطات المختصة في استخدام الفوسفور الأبيض بهذه الطريقة، وفي الخسائر المدنية التي سببها (ومنهم الأطفال)، والذي قد يرقى إلى حد انتهاك المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني.[10]

     الأغراض التي لا تحظرها الاتفاقية: هناك نقطة أخرى يجب مراعاتها عند معالجة هذا المفهوم الخطأ وهي أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية تُصنف الأسلحة الكيميائية على أنها مواد كيميائية سامة تُستخدم “فيما عدا المواد المُعدة منها لأغراض غير محظورة بموجب [الاتفاقية]”. وترد هذه الأغراض في المادة الثانية، الفقرة 9 وتشمل ما يلي:

    “(ج) الأغراض العسكرية التي لا تتصل باستعمال الأسلحة الكيميائية ولا تعتمد في استخدام الخصائص السامة للمواد الكيميائية كوسيلة للحرب؛

    (د) إنفاذ القانون، بما يشمل أغراض مكافحة الشغب المحلي”.

    في كلتا الحالتين، من الممكن أن يتسبب استخدام المواد الكيميائية في إلحاق الضرر بالبشر: مثل قدرة عوامل مكافحة الشغب على “أن تحدث بسرعة في البشر تهيجًا حسيًا أو تسبب عجزًا بدنيًا وتختفي تأثيراتها بعد وقت قصير من انتهاء التعرض لها”.[11]

    ومع ذلك، فإن تعريف السلاح الكيميائي في نهاية المطاف أضيق بكثير من مجرد استخدام مادة كيميائية لإحداث ضرر. وكما تلخص في تعليق اتفاقية الأسلحة الكيميائية، “معظم الأسلحة إن لم تكن جميعها [تستخدم المواد الكيميائية]: مادة شديدة الانفجار مثل الديناميت، مادة حارقة مثل النابالم، خليط مولّد للدخان، وقود الصواريخ وبارود البنادق جميعها مواد كيميائية. حتى السلاح القديم مثل السيف مصنوع من مواد كيميائية (في هذه الحالة تحديدًا الحديد أو سبائك الحديد)”.[12] لضمان احترام ولاية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ونطاق اتفاقية الأسلحة الكيميائية، والتحقيق في الجرائم الدولية من خلال الآليات الصحيحة، من المهم تجنب الإفراط في التعميم بشأن ما يُشكل سلاحًا كيميائيًا.

    [1] انظر، على سبيل المثال، Lara Seligman, “Turkish Proxies Appear to be Using White Phosphorus in Syria”, Foreign Policy، 17 أكتوبر 2019، راجعhttps://foreignpolicy.com/2019/10/17/turkish-proxies-chemical-weapons-syria-kurds/.

    [2] لمزيد من المعلومات حول عوامل مكافحة الشغب، انظر المفهوم الخطأ 8.

    [3] Matthew J. Aiesi, “The Jus in Bello of White Phosphorus: Getting the Law Correct”, Lawfare، 26 نوفمبر 2019، راجع https://www.lawfareblog.com/jus-bello-white-phosphorus-getting-law-correct.

    [4] المرجع نفسه

    [5] “تعليق اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، المادة الثانية، الفقرة 1.

    [6] Centres for Disease Control and Prevention, “White Phosphorus: Systemic Agent” راجع https://www.cdc.gov/niosh/ershdb/emergencyresponsecard_29750025.html.

    [7] Bel Trev, “Turkey faces scrutiny over alleged use of white phosphorus on children in northern Syria”, the Independent, 19 أكتوبر 2019 راجع https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/syria-turkey-ceasefire-war-crimes-middle-east-a9161586.html.

    [8] Bellingcat Investigation Team, “White Phosphorous Use in Northern Syria – Should The OPCW Investigate?”, Bellingcat, 6 نوفمبر 2019، راجع https://www.bellingcat.com/news/mena/2019/11/06/white-phosphorous-use-in-northern-syria-should-the-opcw-investigate/.

    [9] Bel Trev, “Turkey faces scrutiny over alleged use of white phosphorus on children in northern Syria”, the Independent, 19 أكتوبر 2019 راجع https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/syria-turkey-ceasefire-war-crimes-middle-east-a9161586.html.

    [10]اللجنة الدولية للصليب الأحمر، “القاعدة 1. مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين”قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني: القانون الدولي الإنساني العرفي، راجع https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/eng/docs/v1_rul_rule1.

    [11] اتفاقية الأسلحة الكيميائية، المادة الثانية، الفقرة 7.

    [12] “تعليق اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، المادة الثانية، الفقرة 1.

  • المفهوم الخطأ 7: المواد الكيميائية الواردة في جداول اتفاقية الأسلحة الكيميائية هي فقط التي تُعد أسلحةً كيميائية

    المفهوم الخطأ وآثاره
    هناك مفهوم خطأ بأن المواد الكيميائية السامة المُدرجة في الجداول 1 أو 2 أو 3 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية هي فقط التي تُعد أسلحةً كيميائية بموجب الاتفاقية. يمكن القول إنه ينبع من سوء فهم فني لجداول اتفاقية الأسلحة الكيميائية ودورها في نظام الاتفاقية.

    يُشير هذا المفهوم الخطأ إلى أن المواد الكيميائية السامة غير الموجودة في جداول اتفاقية الأسلحة الكيميائية لن تعتبر سلاحًا كيميائيًا حتى لو تم استخدامها لأغراض غير سلمية. وإذا كان هذا صحيحًا، فإنه سيمثل فجوة خطيرة في الاتفاقية، وخاصةً في ضوء التقدم في العلم والتكنولوجيا الذي يمكن أن يؤدي إلى التسليح بمواد كيميائية سامة جديدة. كذلك، قد تُخفق السلطات الوطنية في التعامل مع المواد الكيميائية السامة غير المجدولة بشكل مناسب نتيجة لوجهة النظر الخطأ بأنها لن تعتبر سلاحًا كيميائيًا.

    معالجة المفهوم الخطأ
    بموجب المادة الثانية، الفقرة 1 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، يتم تعريف الأسلحة الكيميائية على أساس الغرض منها. انظر المفهومين الخطأ 8 و9 لمزيد من التفاصيل. يركز هذا التعريف على الغرض من استخدام المادة الكيميائية بدلاً من أصلها. وبذلك، فإنه يضمن أن الحظر سيواكب التقدم المستقبلي في العلوم والتكنولوجيا واكتشاف مواد كيميائية سامة جديدة. يُشير تعليق اتفاقية الأسلحة الكيميائية إلى أنه: “بموجب هذا المفهوم، تعتبر جميع المواد الكيميائية السامة أو سلائفها أسلحة كيميائية ما لم يتم تطويرها أو إنتاجها أو تخزينها أو استخدامها لأغراض غير محظورة.” يجب قراءة هذا التعريف بالاقتران مع المصطلحات الأخرى التي يجب تعريفها لتنفيذ الاتفاقية، مثل “المواد الكيميائية السامة” و”السلائف” و”الأغراض غير المحظورة بموجب الاتفاقية”.

    يمكن أن تكون أي مادة كيميائية سامة سلاحًا كيميائيًا، ولكن المواد الكيميائية المدرجة في الجداول الموجودة في مرفق اتفاقية الأسلحة الكيميائية بشأن المواد الكيميائية هي تلك المواد الكيميائية السامة التي تخضع لإعلانات الدول الأطراف وتتَحَقّق منها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. إن إدراج المواد الكيميائية في جداول مختلفة يتطلب تدابير رقابية مختلفة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية. على سبيل المثال، يتم التحقق من خلال عمليات التفتيش في الموقع التي تقوم بها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في المواقع التي أنتجت خلال السنة السابقة أو التي من المتوقع أن تنتج في السنة التالية ما يزيد عن 200 طن من إجمالي أي مادة كيميائية من مواد الجدول 3 بما يتعدى الحد المنصوص عليه في الإعلان البالغ 30 طنًا. ومع ذلك، فإن الحد الأدنى لكمية الإنتاج التي تجعل موقعًا ما خاضعًا لعمليات التفتيش هذه تكون أقل بالنسبة إلى المواد الكيميائية المدرجة في الجدول 2.

    لمحة عن جداول اتفاقية الأسلحة الكيميائية

    • المواد الكيميائية للجدول 1 تشكل خطرًا كبيرًا بالنسبة إلى هدف اتفاقية الأسلحة الكيميائية والغرض منها وتُعد فوائدها قليلة أو معدومة بالنسبة إلى أغراض غير محظورة بموجب الاتفاقية
    • المواد الكيميائية للجدول 2 تشكل خطرًا بالغًا بالنسبة إلى هدف اتفاقية الأسلحة الكيميائية والغرض منها ولا تُنتج بكميات تجارية كبيرة لأغراض غير محظورة بموجب هذه الاتفاقية
    • المواد الكيميائية للجدول 3 تشكل خطرًا بالنسبة إلى هدف الاتفاقية والغرض منها ويمكن إنتاجها بكميات تجارية كبيرة لأغراض غير محظورة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية

    على الرغم من إطار الرقابة المنصوص عليه في المعاهدة، فإن بعض المواد الكيميائية السامة التي يمكن استخدامها لأغراض الأسلحة الكيميائية غير موجودة في جداول اتفاقية الأسلحة الكيميائية. ومن الأمثلة على مادة كيميائية سامة غير موجودة في الجداول غاز الكلور. يُعد استخدام الكلور على نطاق واسع في إيبرس في الحرب العالمية الأولى أحد أكثر استخدامات الأسلحة الكيميائية شهرة في التاريخ، وقد استخدم الكلور مؤخرًا كسلاح في الصراع الدائر في الجمهورية العربية السورية.[1] ومع ذلك، فهو غير موجود في جداول اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعدد من الأسباب. يستخدم الكلور على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم لعدد من الأغراض السلمية، كما أن الحجم الهائل من الكلور الذي يتم إنتاجه وتداوله واستخدامه سيجعل التحقق والتفتيش صعبًا للغاية من الناحية اللوجستية.[2] كذلك كان يُعتقد وقت المفاوضات أن الكلور لن يستخدم كسلاح كيميائي مرة أخرى، بسبب عدم استخدامه منذ الحرب العالمية الأولى.[3]

    علاوة على ذلك، من المهم ملاحظة أنه تم تحديث جداول اتفاقية الأسلحة الكيميائية مؤخرًا لتشمل عوامل نوفيتشوك. حدث هذا التعديل على المرفق الخاص بالمواد الكيميائية بعد استخدام عامل (غاز) الأعصاب نوفيتشوك ضد عائلة سكريبال في سالزبوري، بالمملكة المتحدة، وتعرض ثانٍ في أميسبوري، بالمملكة المتحدة عام 2018.[4] في ذلك الوقت، لم توجد عوامل نوفيتشوك في المرفق الخاص بالمواد الكيميائية، لكن هذا ليس له صلة بمسألة ما إذا كان استخدامها يمثل استخدامًا للأسلحة الكيميائية. لا يزال استخدام 2018 يعتبر استخدامًا لسلاح كيميائي، لأن عوامل نوفيتشوك هي مواد كيميائية سامة وقد استخدمت لإحداث ضرر، ومن ثمَّ ينطبق عليها تعريف السلاح الكيميائي الوارد في اتفاقية الأسلحة الكيميائية. وقد اتهم المشتبه بهم بانتهاكات قانون الأسلحة الكيميائية،[5] وهو التشريع الأساسي في المملكة المتحدة الذي يُنفذ اتفاقية الأسلحة الكيميائية على المستوى الوطني. في وقت لاحق من عام 2019 اعتمدت الدورة 24 لمؤتمر الدول الأطراف (CSP) في اتفاقية الأسلحة الكيميائية قرارين[6] لتعديل المرفق الخاص بالمواد الكيميائية للاتفاقية. وكما هو مذكور أعلاه، فإن هذا يعني أن عوامل نوفيتشوك تخضع الآن للإعلانات الوطنية والتحقق بواسطة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وتجدر الإشارة إلى أنه فيما يتعلق بحادثة تتعلق بالاستخدام المزعوم لسلاح كيميائي ضد السيد أليكسي نافالني في عام 2020 (انظر المفهوم الخطأ 16)، ذكرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن “المؤشرات الحيوية لمثبط الكولينستيراز الموجودة في عينات دم وبول السيد نافالني لها خصائص تركيبية مماثلة للمواد الكيميائية السامة المدرجة في الجدولين 1.أ.14 و1.أ.15، والتي أُضيفت إلى المرفق الخاص بالمواد الكيميائية للاتفاقية في الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في نوفمبر 2019. ومثبط الكولينستريز غير مدرج في المرفق الخاص بالمواد الكيميائية للاتفاقية.”[7] وبصرف النظر عما إذا كانت المواد الكيميائية السامة المستخدمة مدرجة في المرفق الخاص بالمواد الكيميائية، فلا يزال من الممكن اعتبارها أسلحة كيميائية بناءً على الغرض منها.

    توضح أمثلة الكلور وعامل نوفيتشوك أهمية معيار الغرض العام في نظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية. تمت صياغة اتفاقية الأسلحة الكيميائية تحديدًا بحيث تضمن أن يكون أي استخدام لمادة كيميائية سامة كسلاح مشمولاً في تعريف السلاح الكيميائي، مما يجعل الغرض هو السمة الرئيسية. ويجب على الدول أن تحرص على نقل المعيار بأمانة إلى التشريعات الوطنية، لضمان حظر الأسلحة الكيميائية بشكل مناسب على المستوى المحلي. توفر الجداول الموجودة في مرفق المواد الكيميائية قائمة بالمواد الكيميائية التي تخضع لضوابط مختلفة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية. إذا لم يتم العثور على مادة كيميائية سامة ما في أيٍ من الجداول، فإنه يمكن مع ذلك استخدامها بطريقة ينطبق عليها تعريف السلاح الكيميائي بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    [1] على سبيل المثال، انظر تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا بشأن حادثة مزعومة في مدينة سراقب، الجمهورية العربية السورية، في 4 فبراير 2018 تقرير رقم S/1626/2018، بتاريخ 15 مايو 2018، الفقرة 7.4: “تم استخدام الكلور المنطلق من الأسطوانات بواسطة التأثير الميكانيكي، على الأرجح كسلاح كيميائي في 4 فبراير 2018 في حي الطليل بمدينة سراقب”.

    [2] Jean-Pascal Zanders, “What is a chemical weapon? When is chlorine a chemical weapon?”, the Trench,18 أبريل 2018، راجع https://www.the-trench.org/what-is-a-cw.

    [3] المرجع نفسه.

    [4] انظر Thomas Brown, “CWC Annex on Chemicals changed for the first time”, Trust & Verify No.165, VERTIC، فبراير 2020.

    [5]Crown Prosecution Service, “CPS Statement – Salisbury”, 05 سبتمبر 2018، راجع https://www.cps.gov.uk/cps/news/cps-statement-salisbury.

    [6] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “القرار: تغييرات على الجدول 1 من المرفق الخاص بالمواد الكيميائية لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، “C-24/DEC.5، ‏27 ‏نوفمبر 2019؛ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “القرار: تغييرات فنية على الجدول 1 (أ) من المرفق الخاص بالمواد الكيميائية لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، “C-24/DEC.4، ‏27 ‏نوفمبر 2019.

    [7] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “مذكرة من الأمانة الفنية: ملخص تقرير الأنشطة المُنفذة لدعم طلب المساعدة الفنية من ألمانيا (زيارة المساعدة الفنية – TAV/01/20)”، S/1906/2020، ‏6 أكتوبر 2020.

  • المفهوم الخطأ 8: عوامل مكافحة الشغب هي أسلحة كيميائية يمكن استخدامها في أثناء المظاهرات في وقت السلم.

    المفهوم الخطأ وآثاره
    المفهوم الخطأ هو أن عوامل مكافحة الشغب، مثل الغاز المسيل للدموع، هي أسلحة كيميائية تحظر اتفاقية الأسلحة الكيميائية استخدامها في أثناء الحرب ولكنها تسمح باستخدامها محليًا في أوقات السلم لأغراض إنفاذ القانون.  ينبع هذا المفهوم الخطأ من سوء فهم لكيفية تعريف مصطلحات “سلاح كيميائي” و”مادة كيميائية سامة” و”عامل مكافحة الشغب” بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية. ويزداد الأمر تعقيدًا بسبب سوء الفهم المتعلق بكيفية قراءة مختلف الأحكام ذات الصلة في اتفاقية الأسلحة الكيميائية معًا لحظر استخدام عوامل مكافحة الشغب كوسيلة من وسائل الحرب، وعلى نطاق أوسع لحظر استخدام الأسلحة الكيميائية تحت أي ظرف من الظروف. أدانت التقارير الإعلامية[1] والمناقشة العامة إجراءات إنفاذ القانون المستخدمة في حالات مختلفة من الاضطرابات المدنية لاستخدامها عوامل مكافحة الشغب كسلاح كيميائي دون توضيح بينما تُصنف اتفاقية الأسلحة الكيميائية عوامل مكافحة الشغب على أنها مواد كيميائية سامة، فإنها لا تسمح باستخدام الأسلحة الكيميائية تحت أي ظرف من الظروف.

    ويعني هذا المفهوم الخطأ ضمنيًا أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية تسمح للدول الأطراف باستخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية ضد شعوبها في وقت السلم، ما يُضفي الشرعية على استخدام الأسلحة الكيميائية في ظروف معينة. وهذا بدوره يهدد بتقويض شرعية اتفاقية الأسلحة الكيميائية وتقويض الدعم العام لها داخل الدول الأطراف. كما يؤدي إلى الالتباس بشأن تعريف السلاح الكيميائي، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى قيام الدول بتعريف الأسلحة الكيميائية على نحوٍ غير صحيح في تشريعاتها الوطنية ومن ثمَّ عدم التنفيذ الوافي للاتفاقية. علاوة على ذلك، فإن التركيز على ما إذا كانت عوامل مكافحة الشغب هي بحد ذاتها أسلحة كيميائية يصرف الانتباه عن تحليل ما إذا كانت كمية عوامل مكافحة الشغب ونشرها وسبب استخدامها في الحالات ذات الصلة قانونية بحد ذاتها.

    معالجة المفهوم الخطأ
    بموجب المادة الأولى، الفقرة 5 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية “تتعهد كل دولة طرف بعدم استعمال عوامل مكافحة الشغب كوسيلة للحرب”. وتتناول اتفاقية الأسلحة الكيميائية تعريف عوامل مكافحة الشغب في المادة الثانية، الفقرة 7 على أنها “أي مادة كيميائية غير مدرجة في أحد الجداول، يمكنها أن تحدث بسرعة في البشر تهيجًا حسيًا أو تسبب عجزًا بدنيًا وتختفي تأثيراتها بعد وقت قصير

    من انتهاء التعرض لها”.
    كما يجب أيضًا مراعاة تعريف السلاح الكيميائي بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية عند التعامل مع تعريف عوامل مكافحة الشغب. تُعرِّف اتفاقية الأسلحة الكيميائية فقط المواد الكيميائية السامة (وسلائفها) كأسلحة كيميائية اعتمادًا على الغرض المقصود منها: يُعرف هذا بمعيار الغرض العام.[2] تُعرِّف الفقرة 1 (أ) من المادة الثانية الأسلحة الكيميائية بأنها: “المواد الكيميائية السامة وسلائفها، فيما عدا المواد المعدة منها لأغراض غير محظورة بموجب هذه الاتفاقية ما دامت الأنواع والكميات متفقة مع هذه الأغراض”. وبعد ذلك، تنص المادة الثانية، الفقرة 9 على “إنفاذ القانون، بما يشمل أغراض مكافحة الشغب المحلي” كأحد الأغراض غير المحظورة بموجب الاتفاقية.

    عوامل مكافحة الشغب شائعة الاستخدام، مثل الغاز المسيل للدموع (CS) ورذاذ الفلفل (OC) تندرج ضمن تعريف اتفاقية الأسلحة الكيميائية للمواد الكيميائية السامة على أنها مواد كيميائية “يمكن من خلال مفعولها الكيميائي في العمليات الحيوية أن تحدث وفاة أو عجزًا مؤقتًا أو أضرارًا دائمة للإنسان أو الحيوان.”[3] وتجدر الإشارة إلى أن استخدام الدول الأطراف مقصور على عوامل مكافحة الشغب غير المدرجة في جداول المواد الكيميائية لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، وذلك على النحو المنصوص عليه في المادة الثانية، الفقرة 7. علاوة على ذلك، يُضيف معيار الغرض العام مزيدًا من القيود على استخدام عوامل مكافحة الشغب كمواد كيميائية سامة: حيث يتم استخدامها من أنواع وبكميات لا تتوافق مع الأغراض غير المحظورة بموجب الاتفاقية، وبذلك فإنها تندرج تحت تعريف [4]السلاح الكيميائي وبذلك ستكون محظورة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    عند قراءة هذه الأحكام معًا، فإنها تقدم استنتاجًا مفاده أن عوامل مكافحة الشغب، في حين أنها مواد كيميائية سامة، فإنها ليست أسلحة كيميائية إذا لم يتم استخدامها كوسائل للحرب أو لأغراض محظورة بموجب الاتفاقية. وقد لخص هذا الاستنتاج الدكتور جان باسكال زاندرز على النحو التالي: “لا تجيز اتفاقية الأسلحة الكيميائية أو تضفي الشرعية على استخدام الأسلحة الكيميائية في ظل ظروف معينة. فهي تنص على أنه إذا تم استخدام مادة كيميائية سامة واقتصر استخدامها على أحد الأغراض غير المحظورة، فإن تلك المادة الكيميائية السامة لا تُعد سلاحًا كيميائيًا. وبعبارة أخرى، فإن عامل مكافحة الشغب (RCA) الذي يتم نشره لأغراض مكافحة الشغب المحلي ليس سلاحًا كيميائيًا وهذا الاستخدام يقع خارج نطاق اتفاقية الأسلحة الكيميائية.”[5]

    إن التركيز على ما إذا كان استخدام إنفاذ القانون المحلي لعوامل مكافحة الشغب يشكل استخدامًا للأسلحة الكيميائية قد يصرف الانتباه عن مناقشة إنفاذ القانون على النحو المناسب الذي يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. تناولت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) مسألة عوامل مكافحة الشغب عدة مرات، ووجدت أن بعض حالات استخدامها ضد المتظاهرين قد انتهكت الحق في الحياة[6] وبلغت حد المعاملة القاسية والمهينة.[7] يمكن أن تؤدي إساءة استخدام تلك العوامل أيضًا إلى انتهاك بعض صكوك حقوق الإنسان مثل المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين،[8] وأمور أخرى. وأخيرًا، من المهم أن يتم التحقيق في إساءة استخدام مثل هذه العوامل عبر القنوات الصحيحة للقانون الوطني والدولي.

    [1] انظر على سبيل المثال: Shireen Daft, “Tear gas and pepper spray are chemical weapons. So, why can police use them?”, The Conversation، ‏11 يونيو 2020، راجع https://theconversation.com/tear-gas-and-pepper-spray-are-chemical-weapons-so-why-can-police-use-them-140364.

    [2] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “ما هي الأسلحة الكيميائية”، راجع

    https://www.opcw.org/our-work/what-chemical-weapon#:~:text=General%20Purpose%20Criterion%20%E2%80%93%20Intent&text=Any%20chemical%20intended%20for%20chemical,’chemical%20weapons%20purposes’%20are.

    [3] اتفاقية الأسلحة الكيميائية، المادة الثانية، الفقرة 2

    [4] اتفاقية الأسلحة الكيميائية، المادة الثانية، الفقرة 1

    [5] Jean-Pascal Zanders, “‘Tear-gas’: authorised at home, banned in war? Not so for the USA”, The Trench،‏ 13 يونيو 2020، راجع https://www.the-trench.org/tear-gas-usa.

    [6] انظر ECHR, Abdullah Yasa v. Turkey، ‏16‏ يوليو 2013. انظر كذلك، Lam Sze Hong, “Is there any limitation on the use of tear gas as a Riot Control Agent?”, Leiden Law Blog، ‎‏ 2 أبريل 2020، راجع https://www.leidenlawblog.nl/articles/is-there-any-limitation-on-the-use-of-tear-gas-as-a-riot-control-agent.

    [7] ECHR, Ali Güneş V. Turkey, Judgment ‏10 أبريل 2012.

    [8] انظر المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، هافانا، كوبا، 27 أغسطس إلى 7 سبتمبر 1990، راجع https://www.ohchr.org/en/instruments-mechanisms/instruments/basic-principles-use-force-and-firearms-law-enforcement.

  • المفهوم الخطأ 9: تتناول اتفاقية الأسلحة الكيميائية الآثار على البشر فقط

    المفهوم الخطأ وآثاره
    هناك سوء فهم مفاده أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية تتناول فقط استخدامات المواد الكيميائية السامة على البشر. ينبع سوء الفهم، كغيره من التفسير الخطأ لمصطلح “سلاح كيميائي” و”مادة كيميائية سامة” على النحو المنصوص عليه في اتفاقية الأسلحة الكيميائية. يرتبط الفهم الشائع للسلاح الكيميائي بالاستخدام العسكري للمواد الكيميائية السامة لأغراض ساحة المعركة ضد البشر، في حين أن نطاق اتفاقية الأسلحة الكيميائية أوسع من ذلك.

    وهذا المفهوم الخطأ يمكن أن تكون له آثار خطيرة على كيفية استخدام الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية للمواد الكيميائية السامة. يُعد مفهوم السلاح الكيميائي ونطاق المواد والإجراءات التي يشملها من صميم اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ويمكن أن تؤدي المفاهيم الخطأ حول ما تتناوله الاتفاقية إلى انتهاكات غير متعمدة. يمكن أن تؤدي المفاهيم الخطأ حول تعريف السلاح الكيميائي إلى سوء فهم استخدام المواد الكيميائية السامة ودور منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في الاستجابة للحوادث (كما يتضح من المفهوم الخطأ 6)؛ ما يشكل تحديات لسلطة المنظمة. بالإضافة إلى ذلك إذا أخفقت الدول في تعريف الأسلحة الكيميائية بشكل صحيح في التشريعات الوطنية، فإن الصكوك القانونية المُنَفِذة لاتفاقية الأسلحة الكيميائية قد لا تستوفي الاتفاقية بالكامل. وبشكلٍ عام، يمكن لسوء الفهم بشأن طبيعة المواد الكيميائية السامة والأسلحة الكيميائية أن يقوض التنفيذ الوطني لاتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    معالجة المفهوم الخطأ
    كما أسلفنا أنه بموجب المادة الثانية، الفقرة 1 من الاتفاقية، تعتبر المواد الكيميائية السامة [1]أسلحة كيميائية على أساس الغرض منها (معيار الغرض العام) على غرار العوامل البيولوجية والتكسينية المنصوص عليها في[2] اتفاقية الأسلحة البيولوجية. تُعرِّف اتفاقية الأسلحة الكيميائية المادة الكيميائية السامة في المادة الثانية (2) على أنها “أي مادة كيميائية يمكن من خلال مفعولها الكيميائي في العمليات الحيوية أن تحدث وفاة أو عجزًا مؤقتًا أو أضرارًا دائمة للإنسان أو الحيوان.” وبذلك، تكون الاتفاقية قد تناولت المواد الكيميائية السامة التي تسبب ضررًا للحيوانات. ومع ذلك، من الجدير بالذكر أن المواد الكيميائية التي – من خلال مفعولها الكيميائي في العمليات الحيوية – يمكن أن تحدث ضررًا للنباتات، ليست مدرجة.[3] ويختلف هذا الموقف عن موقف اتفاقية الأسلحة البيولوجية، حيث ذكرت المؤتمرات الاستعراضية أن الأسلحة البيولوجية التي تؤثر على النباتات محظورة بموجب الاتفاقية.[4] يعتبر تعليق اتفاقية الأسلحة الكيميائية أن استبعاد المواد الكيميائية السامة المستخدمة بقصد تدمير النباتات هو نتيجة لاعتبارات سياسية بسبب الاستخدام المسبق لمبيدات الأعشاب في الحرب (والرأي القائل بوجود استخدامات مدنية وعسكرية مشروعة لهذه المواد الكيميائية)، وتحديات التحقق، وصناعة مبيدات الأعشاب الكبيرة في بعض الولايات.[5]

    فيما يتعلق باستخدام المواد الكيميائية التي تؤثر على العمليات الحيوية للنباتات، من المهم الإشارة إلى وجود اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى (ENMOD). تتعهد الدول الأطراف في هذه المعاهدة بعدم استخدام تقنيات التغيير في البيئة ذات الآثار الواسعة الانتشار أو الطويلة البقاء أو الشديدة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى كوسيلة لإلحاق الدمار أو الخسائر أو الأضرار بأية دولة طرف أخرى. بموجب المادة الأولى (1). ويرد تعريف مصطلح “تقنيات التغيير في البيئة” في المادة الثانية. نصت الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثاني لاتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى على ما يلي:

    “يؤكد المؤتمر أن الاستخدام العسكري أو أي استخدام عدائي آخر لمبيدات الأعشاب كأسلوب للتغيير البيئي بالمعنى المقصود في المادة الثانية يُعد وسيلة حرب محظورة بموجب المادة الأولى إذا كان هذا الاستخدام لمبيدات الأعشاب يُخل بالتوازن الإيكولوجي للمنطقة، ما يتسبب في آثار واسعة الانتشار أو طويلة البقاء أو شديدة كوسيلة لإلحاق الدمار أو الخسائر أو الأضرار بأية دولة طرف أخرى.”[6]

    من ثمَّ، في بعض الظروف، يُحظر على الدول الأطراف في اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى استخدام المواد الكيميائية التي تسبب ضررًا للنباتات بسبب تأثيرها الكيميائي في العمليات الحيوية بموجب القانون الدولي.

    وباختصار، يوضح التدقيق في نص اتفاقية الأسلحة الكيميائية والتعليقات ذات الصلة أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تتناول الآثار على البشر فحسب، بل والحيوانات أيضًا. ومع ذلك، فمن الملاحظ أن التأثيرات على النباتات لم يتم تناولها، وذلك على عكس اتفاقية الأسلحة البيولوجية. يبدو أن الاعتبارات السياسية قد أبقت المواد الكيميائية السامة المستخدمة بقصد تدمير النباتات خارج نص الاتفاقية، ومع ذلك، فإن ديباجة اتفاقية الأسلحة الكيميائية تعترف “بالحظر المنصوص عليه في الاتفاقيات المعنية ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة، بشأن استخدام مبيدات الأعشاب كوسيلة للحرب”. إن فهم تعريف المادة الكيميائية السامة هو العامل الرئيسي في تنفيذ اتفاقية الأسلحة الكيميائية على المستوى الوطني. تصف المفاهيم الخطأ السابقة جيدًا حدود ما يعتبر سلاحًا كيميائيًا والآثار المترتبة على سوء الفهم حول استخدام الأسلحة الكيميائية. لذلك من الأهمية بمكان أن يفهم أصحاب المصلحة مثل المشرعين وصُناع السياسات وموظفي إنفاذ القانون تعريفات المادة الكيميائية السامة والسلاح الكيميائي الواردة في نظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية، لتنفيذ المعاهدة بشكل صحيح.

    [1] انظر المادة الثانية، الفقرة 1 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، والتي تعد بموجبها، المواد الكيميائية السامة وسلائفها منفرة أو مجتمعة وكذلك الذخائر والنبائط المصممة خصيصًا لإحداث الوفاة أو غيرها من الأضرار نتيجة للخواص السامة للمواد الكيميائية، وأية معدات مصممة خصيصًا لاستعمال يتعلق مباشرة باستخدام مثل هذه الذخائر والنبائط أسلحة كيميائية.

    [2] انظر المادة 1، أيضًا “الأسلحة أو المعدات أو وسائل الإيصال المصممة لاستخدام مثل هذه العوامل أو التكسينات لأغراض عدائية أو في نزاع مسلح”.

    [3] “التعليق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، المادة الثانية.

    [4] انظر الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن، المادة الأولى، 1.

    [5] “التعليق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، المادة الثانية.

    [6]المؤتمر الاستعراضي الثاني للدول الأطراف في اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى، ENMOD/CONF.11/12، ص 11-12.

  • المفهوم الخطأ 10: منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هي هيئة تابعة للأمم المتحدة

    المفهوم الخطأ وآثاره
    تُشير التقارير الإعلامية أحيانًا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية باسم “هيئة الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة” أو “منظمة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة الكيميائية.”[1] تتعامل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع عدد من أصحاب المصلحة، بما يشمل كيانات الأمم المتحدة مثل الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن وجود منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يختلف عن وجود الأمم المتحدة، وهي منظمة حكومية دولية أخرى. قد يؤدي سوء الفهم لطبيعة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى حدوث التباس فيما يتعلق بالوضع والأدوار والعلاقات بين المنظمة وغيرها من المنظمات، مثل الأمم المتحدة.

    إن وضع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، شأنها شأن أي منظمة دولية، لها آثار فيما يتعلق بوظائفها وسلطاتها وعملياتها. إن الإشارة إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ككيان تابع للأمم المتحدة قد يعطي الانطباع بأن لها نفس السمات القانونية التي تتمتع بها الأمم المتحدة، ولها نفس نقاط القوة والقيود. وقد يؤدي ذلك إلى تحليل خطأ لنجاحات وإخفاقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، واقتراحات غير ملائمة فيما يتعلق بدعم أنشطتها أو توسيعها أو الحد منها.

    معالجة المفهوم الخطأ
    منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هي منظمة حكومية دولية الاتفاقية التأسيسية لها هي اتفاقية الأسلحة الكيميائية. وكما أسلفنا، فإن وجود منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يختلف عن وجود الأمم المتحدة، وهي منظمة حكومية دولية أخرى. ومع ذلك، تعتبر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية جزءًا من منظومة الأمم المتحدة باعتبارها “منظمة ذات صلة”،[2] والأمين العام للأمم المتحدة هو جهة الإيداع لاتفاقية الأسلحة الكيميائية (حول دور جهة الإيداع، انظر المفهوم الخطأ 19).

    وفقًا للمادة الثامنة (أ) (1) من الاتفاقية، أنشأت الدول الأطراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتحقيق موضوع هذه الاتفاقية والغرض منها، وتأمين تنفيذ أحكامها، ومنها الأحكام المتعلقة بالتحقق الدولي من الامتثال لها، وتوفير محفل للتشاور والتعاون فيما بين الدول الأطراف. جميع الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية أعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. يقع مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في مدينة لاهاي بهولندا. ينشأ بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية مؤتمر الدول الأطراف، والمجلس التنفيذي، والأمانة الفنية، بوصفها أجهزة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (ومن ذلك رئيسها، المدير العام)، وتفاصيل وظائفها وسلطاتها. وتختلف هذه الأجهزة عن أجهزة الأمم المتحدة، مثل الأمين العام للأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن.

    ومع ذلك، فإن هذه الأخيرة تشارك في تطبيق اتفاقية الأسلحة الكيميائية. وبناءً على ذلك، تمت الموافقة على اتفاق منفصل في عام 2001 من قبل المنظمتين لتفصيل طرائق تعاونهما.[3] وفقًا للاتفاق، تُقر الأمم المتحدة بأن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يجب أن تعمل كمنظمة دولية مستقلة وذاتية. يتعلق جانب مهم من ذلك التعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالحالات المزعومة أو المؤكدة لعدم الامتثال للاتفاقية واستخدام الأسلحة الكيميائية. يتعين على المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومؤتمر الدول الأطراف أن تعرض على الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قضايا عدم الامتثال في الحالات المهمة والمُلحة وذلك من خلال الأمين العام للأمم المتحدة.[4] وتلتزم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتعاون الوثيق مع الأمين العام للأمم المتحدة في حالات الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية التي تشارك فيها دولة ليست طرفًا في الاتفاقية أو في إقليم لا يخضع لسيطرة دولة طرف في الاتفاقية.[5]

    تحتاج كلتا المنظمتين أيضًا إلى اكتشاف إمكانيات التعاون في تقديم المساعدة للدول المعنية في حالات استخدام الأسلحة الكيميائية أو التهديد الخطير باستخدامها.[6] ستعمل الأمم المتحدة وفقًا لعملياتها الخاصة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، والمعاهدة التأسيسية للأمم المتحدة. على سبيل المثال، يجب على الأمين العام للأمم المتحدة التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تحقيقاتها بشأن مزاعم الاستخدام في الدول غير الأطراف وفقًا للمبادئ التوجيهية والإجراءات الخاصة بآلية الأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق في الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية والبيولوجية[7] قد يقرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اتخاذ تدابير بموجب الفصل السابع من الميثاق بشأن ما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان.

    [1] انظر على سبيل المثال، “UN chemical weapons body slam Syrian regime for lack of cooperation”, The New Arab، ‏01 أكتوبر 2022، راجع https://english.alaraby.co.uk/news/un-chemical-weapons-body-slam-syria-lack-cooperation.

    [2] انظر الأمم المتحدة، “منظومة الأمم المتحدة”، راجع https://www.un.org/en/about-us/un-system.

    [3] تمت صياغة اتفاق بشأن العلاقة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2000 (“اتفاق العلاقة”)؛وافق عليها مؤتمر الدول الأطراف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في القرار C-VI/DEC.5 الصادر بتاريخ 17 مايو 2001 والجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار A/RES/55/283 الصادر بتاريخ 24 سبتمبر 2001.

    [4] انظر المادة الثامنة.ج. من الاتفاقية. 36 بشأن المجلس التنفيذي والمادة الثانية عشرة. 4 فيما يتعلق بمؤتمر الدول الأطراف؛ والمادة الثانية.2، أ) وب) من اتفاق العلاقة.

    [5] انظر الفقرة 27 من الاتفاقية، والجزء الحادي عشر من مرفق التحقق، والمادة الثانية.2، ج) من اتفاق العلاقة.

    [6] انظر المادة العاشرة من الاتفاقية، الفقرة 10، والمادة 2-2، د) من اتفاق العلاقة.

    [7] لمزيد من المعلومات حول آلية الأمين العام للأمم المتحدة، انظر “الأمم المتحدة، آلية الأمين العام للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية (UNSGM)” راجع https://www.un.org/disarmament/wmd/secretary-general-mechanism/.

  • المفهوم الخطأ 11: دائمًا ما يُعتبر الفنتانيل وغيره من المواد الأفيونية القوية المماثلة أسلحة كيميائية

    المفهوم الخطأ وآثاره
    غالبًا ما يستشهد هذا المفهوم الخطأ باستخدامه كمخدر، والذي يرتبط بزيادة مخاطر الجرعة الزائدة، وكذلك استخدامه المميت في شكل رذاذ. ينبع هذا المفهوم الخطأ من مصادر متعددة. أولاً، يُعد الفنتانيل ونظائره جزءًا من فئة أكبر من المواد الكيميائية المعروفة باسم المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي (CNS) وذات التأثيرات السامة على البشر. أصبح استخدام الفنتانيل كمخدر منتشرًا على نطاق واسع ويرتبط بأعداد كبيرة من حالات الجرعات الزائدة والوفيات، ما أثار نقاشًا حول ما إذا كان يجب على الدول تصنيفه كسلاح من أسلحة الدمار الشامل.[1] ثانيًا، تم إطلاق خليط يحتوي على ما لا يقل عن اثنين من مشتقات الفنتانيل خلال أزمة الرهائن المأساوية في مسرح دوبروفكا في موسكو في عام 2002، والتي ارتبطت بجدل حول ما إذا كان استخدام الفنتانيل كمخدر يشكل سلاحًا كيميائيًا.

    إن التلميح بأن الفنتانيل والمواد الكيميائية المماثلة هي أسلحة كيميائية يخلق حالة من الالتباس والخوف من استخدام هذه المواد الكيميائية في سياقات سلمية ومشروعة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، على سبيل المثال استخدامها الطبي لتخفيف الآلام.

    معالجة المفهوم الخطأ
    يمكن معالجة هذا المفهوم الخطأ من خلال جزأين: أولاً، فيما يتعلق باستخدام الفنتانيل كمخدرات واستخدام الفنتانيل ونظائره في السياقات الصيدلانية. ثانيًا، من الضروري تناول استخدام المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي في شكل رذاذ وكذلك الإجراءات التي تتخذها الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية لحظر استخدامها لأغراض إنفاذ القانون.

    الاستخدام المخدر والصيدلاني للمواد الأفيونية الاصطناعية: تنتمي عائلة الفنتانيل إلى المواد الأفيونية وهي أقوى المواد المعروفة لتسكين الألم.[2] يعتبر الفنتانيل أقوى بشكل ملحوظ من الهيروين أو المورفين وقد ارتبط بزيادة معدلات حالات الجرعات الزائدة والوفاة.[3] ومع ذلك، فشأنه شأن المورفين، من حيث الفائدة الطبية الكبيرة كمخدر ومسكن. وكما أشارت دراسة أجراها مركز دراسة أسلحة الدمار الشامل في عام 2019، “تشمل أشكال المنتجات الصيدلانية للفنتانيل المستحلبات، والمصاصات، والأقراص، والبخاخات، وملصقات الجلد، والتركيبات القابلة للحقن”[4]، وقد لاحظ المجلس الاستشاري العلمي (SAB) لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن الفنتانيل ونظائره “تعتبر آمنة عند استخدامها في ظل ظروف طبية خاضعة للرقابة”.[5]

    يعمل الفنتانيل والمواد الكيميائية المماثلة على تثبيط وظيفة الجهاز العصبي المركزي في الجسم ويتم تصنيفها على أنها مواد كيميائية سامة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، والتي تُعرف المواد الكيميائية السامة في المادة الثانية، الفقرة 2 على أنها: “أي مادة كيميائية يمكن من خلال مفعولها الكيميائي في العمليات الحيوية أن تحدث وفاة أو عجزًا مؤقتًا أو أضرارًأ دائمة للإنسان أو الحيوان”. ومع ذلك، ما لم يتم استخدام مادة كيميائية سامة لأغراض محظورة بموجب الاتفاقية (المادة الثانية من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، الفقرة 1 (أ))، فإنها لا تُعد سلاحًا كيميائيًا. تستخدم اتفاقية الأسلحة الكيميائية تعريفًا سلبيًا لهذه الأغراض، حيث تحدد الأغراض غير المحظورة بموجب المادة الثانية، الفقرة 9 والتي تشمل “الأغراض الصناعية أو الزراعية أو البحثية أو الطبية أو الصيدلانية أو الأغراض السلمية الأخرى”.

    المواد الكيميائية في شكل الرذاذ التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي: للفنتانيل ونظائره تاريخ في التطور العسكري واستخدامها كعوامل تسبب العجز.[6] من الأمثلة على ذلك أزمة رهائن مسرح دوبروفكا في موسكو عام 2002 هي أحد الأمثلة على استخدام هذه المواد الكيميائية لأغراض إنفاذ القانون.

    في ديسمبر 2021، في المؤتمر السادس والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية، اعتمد المؤتمر قرارًا بشأن: “فهم ما يتعلق باستخدام رذاذ المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي لأغراض إنفاذ القانون.”[7] وقد تقرر أن “استخدام رذاذ المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي يُفهم على أنه لا يتسق مع أغراض إنفاذ القانون باعتباره (غرضًا غير محظور) بموجب الاتفاقية”.

    في حين أن “إنفاذ القانون بما يشمل مكافحة الشغب المحلي” يمثل غرضًا آخر ضمن الأغراض غير المحظورة بموجب الاتفاقية (بموجب المادة الثانية، الفقرة 9)، أوضح المجلس الاستشاري العلمي (SAB) لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي لا تتوافق مع تعريف “عوامل مكافحة الشغب” الواردة في المادة الثانية، الفقرة 7: “أي مادة كيميائية غير مدرجة في أحد الجداول، يمكنها أن تحدث بسرعة في البشر تهيجًا حسيًا أو تسبب عجزًا بدنيًا وتختفي تأثيراتها بعد وقت قصير من انتهاء التعرض لها”. في تقرير المجلس الاستشاري العلمي (SAB) لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية استعدادًا للمؤتمر الرابع للدول الأطراف في عام 2018، ميز المجلس الاستشاري العلمي بين المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وبين عوامل مكافحة الشغب، مشيرًا إلى أن “المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي تختلف عن عوامل مكافحة الشغب (RCAs) لأنها تؤثر بشكل أساسي على الجهاز العصبي المركزي ولا تقتصر آثارها عادةً على التهيج الحسي ذي الطبيعة المؤقتة”[8]. فهي ذات: “هامش أمان منخفض للغاية عند استخدامها في شكل رذاذ”[9] و”لا تستوفي المعايير المحددة في الفقرة 7 من المادة الثانية”.

    بشكل عام، أوضح قرار مؤتمر الدول الأطراف السادس والعشرون أن استخدام رذاذ المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي لأغراض إنفاذ القانون محظور بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، فإن القرار لا يتناول استخدام المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي لأغراض أخرى غير محظورة بموجب الاتفاقية. في نهاية المطاف، فإن استخدام رذاذ المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي لإنفاذ القانون من شأنه أن يرقى إلى مستوى استخدام الأسلحة الكيميائية، إلا أنها لا تُصنف على أنها أسلحة كيميائية إذا استخدمت لأغراض أخرى غير محظورة طالما كانت الأنواع والكميات تتوافق مع هذه الأغراض . كذلك من المهم أن تضع في اعتبارك أن هذه المواد الكيميائية ذات استخدام مزدوج بطبيعتها ولها استخدامات سلمية ذات أهمية.

    [1] انظر، على سبيل المثال، Office of Attorney General Ashley Moody, “Attorney General Moody Urges President Biden to Classify Illicit Fentanyl a Weapon of Mass Destruction”، ‏18 يوليو 2022، راجع

    http://www.myfloridalegal.com/newsrel.nsf/newsreleases/63B8F1A56E1BE00A85258883006CE82C.

    [2] Robert J. Mathews, “Central Nervous System-acting chemicals and the Chemical Weapons Convention: A former Scientific Adviser’s perspective” Pure and Applied Chemistry, vol. 90, no. 10, 2018، ص 1559.

    [3] John P. Caves Jr., “Fentanyl as a Chemical Weapon”, Centre for the Study of Weapons of Mass Destruction: Proceedings، ديسمبر 2019، راجع: https://wmdcenter.ndu.edu/Portals/97/CSWMD%20Proceedings%20Dec%202019.pdf.

    [4] المرجع نفسه

    [5] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “تقرير المجلس الاستشاري العلمي حول التطورات في العلوم والتكنولوجيا عن الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف لاستعراض عمل اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، RC-4/DG.1،‏ 30 أبريل 2018.

    [6] John P. Caves Jr., “Fentanyl as a Chemical Weapon”, Centre for the Study of Weapons of Mass Destruction: Proceedings، ديسمبر 2019، راجع: https://wmdcenter.ndu.edu/Portals/97/CSWMD%20Proceedings%20Dec%202019.pdf.

    [7] القرار: فهم ما يتعلق باستخدام رذاذ المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي لأغراض إنفاذ القانون، 1 ديسمبر 2021، C-26/DEC.10.

    [8] أخبار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “قرار بشأن استخدام رذاذ المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي الذي اعتمده مؤتمر الدول الأطراف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية”، 1 ديسمبر 2021، راجع https://www.opcw.org/media-centre/news/2021/12/decision-aerosolised-use-central-nervous-system-acting-chemicals-adopted.

    [9] تقرير المجلس الاستشاري العلمي حول التطورات في العلوم والتكنولوجيا عن الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف لاستعراض عمل اتفاقية الأسلحة الكيميائية، 20 أبريل ‏‏‏2018،‏‏ RC-4/DG.1.

  • المفهوم الخطأ 12: الهجمات على المنشآت الكيميائية الصناعية ليست ذات صلة بنظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية وهي مسألة تتعلق بالقانون الدولي الإنساني فقط

    المفهوم الخطأ وآثاره
    يفيد بأن الهجمات على المنشآت الكيميائية لا تندرج ضمن تعريف استخدام الأسلحة الكيميائية، حتى عندما تؤدي إلى إلحاق الأذى بالبشر أو الحيوانات نتيجة للمواد الكيميائية السامة المنبعثة.

    قد يأتي هذا المفهوم الخطأ من التصور الضيق للأسلحة الكيميائية على أنها أسلحة تم تصنيعها أو تصميمها خصيصًا لاستخدامها كأسلحة كيميائية. وقد يُنظر إلى إطلاق المواد الكيميائية السامة على أنه مجرد تأثير عرضي لهجوم على منشأة كيميائية. علاوة على ذلك، فإن الهجمات على المنشآت الكيميائية، ولا سيما الهجمات العسكرية في أثناء الحرب، تخضع للقانون الدولي الإنساني. وقد يؤدي ذلك إلى سوء فهم يتمثل في أن مثل هذه الهجمات هي من اختصاص القانون الإنساني فقط.

    في حين أن الظروف التي يكون فيها الهجوم على منشأة كيميائية بمثابة استخدام للأسلحة الكيميائية محدودة للغاية، فإن استبعاد اتفاقية الأسلحة الكيميائية من التحليل والتحقيق في مثل هذه الهجمات يقضي على السبيل المحتمل للمساءلة والحماية من استخدام المواد الكيميائية السامة بهذه الطريقة. فضلاً عن ذلك، فإنه نظرًا إلى أن أكثر من 99% من مخزون العالم من الأسلحة الكيميائية قد تم تدميره الآن وفقًا للتحقق الذي تقوم به منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن قدرة الدول على الحرب الكيميائية قد لا تكون قائمة بالمعنى التقليدي

    معالجة المفهوم الخطأ
    بموجب المادة الثانية، الفقرة 1 (أ) من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، تُعرَّف الأسلحة الكيميائية بأنها: “المواد الكيميائية السامة وسلائفها، فيما عدا المواد المعدة منها لأغراض غير محظورة بموجب هذه الاتفاقية . لذلك فإن المواد الكيميائية السامة المستخدمة بقصد التسبب في الوفاة أو الضرر للإنسان أو الحيوان تُعد سلاحًا كيميائيًا.

    ويتعلق ما أُثير بشأن ما إذا كانت الهجمات على المنشآت الكيميائية الصناعية تندرج ضمن اتفاقية الأسلحة الكيميائية بالهجمات الأخيرة على المنشآت الكيميائية في أوكرانيا. وقد أقرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقارير إعلامية بأن “قصفًا استهدف مصانع المواد الكيميائية الموجودة في أوكرانيا”، بما يشمل مصنع سوميكيمبروم للمواد الكيميائية في 21 مارس 2022، ما اضطر سكان بلدة مجاورة إلى الاحتماء من تسرب الأمونيا الناتج عن ذلك.[1]

    في حالة هجوم مصنع سوميكيمبروم للمواد الكيميائية، لم يتسبب إطلاق الأمونيا في ضرر واسع النطاق أو شديد للبشر، حيث إن الخصائص الكيميائية للأمونيا لا تجعل منها عاملاً فعالاً للحرب الكيميائية. ومع ذلك، فإن مستوى سمية مادة كيميائية ما لا علاقة له بتصنيفها كسلاح كيميائي.[2] كما لوحظ في التعليق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية، أن “السمية (وليس الفتك) هو الشرط اللازم الذي يجعل من مادة كيميائية ما… سلاحًا كيميائيًا”.[3] وعلى هذا النحو، قد يشمل ذلك المواد الكيميائية التي تم إطلاقها في أثناء الهجمات على المنشآت الكيميائية والتي لم تكن شديدة السمية أو لم تتسبب في وقوع إصابات جماعية، ومع ذلك إذا كان الهجوم بنية استغلال الخصائص السامة لتلك المادة الكيميائية لإحداث ضرر، فإنه يُدخل هذه الهجمات ضمن اختصاص اتفاقية الأسلحة الكيميائية.[4]

    تطبيق القانون الدولي
    قد تتعلق مجالات أخرى من القانون الدولي ذات الصلة بالهجمات العسكرية على المنشآت الكيميائية في أثناء الحرب، وهذا لا يمنع انطباق اتفاقية الأسلحة الكيميائية في ظروف محددة. في بعض الحالات، قد يساعد تطبيق اتفاقية الأسلحة الكيميائية على سد ثغرات في القانون الدولي. على سبيل المثال، بينما تحظر المادة 56 من البروتوكول الإضافي الأول (AP I) لاتفاقيات جنيف الهجمات على “الأشغال الهندسية أو المنشآت المحتوية على قوى خطرة”، فقد يقتصر ذلك على “السدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربية” ومن ثمّ لا يمتد إلى المنشآت الكيميائية.

    قد يوجد حظر مماثل أيضًا بموجب القانون الدولي العرفي، وهو مصدر للقانون الدولي مستقل عن قانون المعاهدات، وهو يُلزم فقط الدول التي وافقت على الالتزام بمعاهدات معينة. تُعرّف اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) القانون الدولي العرفي بأنه: “القواعد التي تأتي من “ممارسة عامة مقبولة كقانون” ويكون ملزمًا لجميع الدول. والأهم من ذلك، كما تُشير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن القانون الدولي العرفي يخدم غرضًا مهمًا فيما يتعلق بالنزاع المسلح لأنه “يسد الثغرات التي خلفها قانون المعاهدات ومن ثمَّ يعزز الحماية المقدمة للضحايا”.[1]

    فيما يتعلق بالهجمات على المنشآت الكيميائية، حددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قاعدة بموجب القانون الدولي العرفي تنص على أنه يجب على الدول “إيلاء عناية خاصة” في حال الهجوم على الأشغال أو المنشآت التي تحوي قوى خطرة. وقد اقترحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تعليقها على القاعدة، أنه ينبغي إيلاء عناية مماثلة بالنسبة إلى منشآت مثل المصانع الكيميائية.[2]

    [1] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، “القانون العرفي”، راجع https://www.icrc.org/en/war-and-law/treaties-customary-law/customary-law.

    [2] قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني، “القاعدة 42. الأشغال والمنشآت التي تحوي قوى خطرة”، راجع https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/eng/docs/v1_cha_chapter13_rule42.

    [1]انظر Suzanna Khoshabi, “Security of nuclear and chemical facilities in Ukraine: applicability of international law”, VERTIC Trust and Verify 170، صيف 2022، ص 6، راجع https://www.vertic.org/wp-content/uploads/2022/06/TV170-REV1-WEB-2.pdf#page=6 .

    [2] Jean-Pascal Zanders, “Prelude to chemical weapons use?”, The Trench، ‏12 أبريل 2022، راجع https://www.the-trench.org/prelude-to-chemical-weapons-use.

    [3] “التعليق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، المادة الثانية، الفقرة 1، ص 25.

    [4] Jean-Pascal Zanders, “Prelude to chemical weapons use?”, The Trench، ‏12 أبريل 2022، راجع https://www.the-trench.org/prelude-to-chemical-weapons-use.

    [5] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، “القانون العرفي”، راجع https://www.icrc.org/en/war-and-law/treaties-customary-law/customary-law.

    [6] قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني، “القاعدة 42. الأشغال والمنشآت التي تحوي قوى خطرة”، راجع https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/eng/docs/v1_cha_chapter13_rule42.

  • المفهوم الخطأ 13: لا تحتاج الدول التي لا تمتلك أسلحة بيولوجية أو كيميائية إلى الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية

    المفهوم الخطأ وآثاره
    على الرغم أنه من المفاهيم الخطأ البسيطة، فإنه قد يؤثر بشكل كبير على تعميم اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية والتنفيذ الوافي لها، حيث يفيد بأن الدول التي لا تمتلك أسلحة بيولوجية أو كيميائية لا تحتاج إلى الانضمام إلى هاتين الاتفاقيتين. وستكون هذه الأخيرة مناسبة فقط للدول الراغبة في التخلي عن الأسلحة البيولوجية أو الكيميائية القائمة. تبدأ اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية بحظر الأسلحة البيولوجية والكيميائية على التوالي وتستمر في مطالبة الدول الأطراف الجديدة بتدمير مخزونها الحالي من هذه الأسلحة. قد يتساءل المرء عن أهمية هذا الالتزام للدول التي لا تمتلك أسلحة بيولوجية أو كيميائية، ومن ثمَّ يتعجل في افتراض أنها لن تكون معنية باتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية على الإطلاق.

    بالإضافة إلى ذلك، عادةً ما تتصدر هذه الاتفاقيات عناوين الأخبار في حالات تطوير الأسلحة أو حيازتها أو استخدامها سواءً كانت مشتبه بها أو مؤكدة. تم الإعلان على نطاق واسع عن انضمام الجمهورية العربية السورية إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية في عام 2013، بعد تأكيد أنها تمتلك أسلحة كيميائية في عام 2012، وكذلك قرارات وعمليات التحقق من تدميرها والتحقيق في استخدامها. كما تناولت الأخبار على نطاق واسع عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية العراقية التي خضعت للإشراف الدولي، بعد اعتماد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 687 في 3 أبريل 1991 الذي يدعو العراق إلى التصديق على اتفاقية الأسلحة البيولوجية، والذي تم في 19 يونيو 1991.

    قد يتسبب هذا المفهوم الخطأ في عدم انضمام الدول التي لا تمتلك أسلحة بيولوجية وكيميائية إلى الاتفاقيات أو عدم منح الأولوية للقيام بذلك، ما يقوض جهود التعميم ويُضعف في نهاية المطاف دعم قاعدة مكافحة تلك الأسلحة. وبالنسبة إلى الدول التي انضمت إلى الاتفاقيات ولكنها لا تعتقد أنها مناسبة لها فعليًا، فقد يتسبب ذلك المفهوم الخطأ في عدم إحراز تقدم في التنفيذ، أو عدم اكتمال التنفيذ مع وجود ثغرات في القوانين الوطنية الخاصة بحظر الأسلحة البيولوجية والكيميائية ومنعها. إن الاعتقاد بأن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تهم إلا الدول التي تحوز هذه الأسلحة أو تمتلكها قد يؤدي أيضًا إلى تركيز الاهتمام على أنشطة تلك الدول، مع الحد بشكل كبير من جهود الدول التي لا تمتلك هاتين الدولتين في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقيات.

    معالجة المفهوم الخطأ
    تُعد اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية ذات صلة بجميع الدول. وتتعهد الدول التي تمتلك أسلحة بيولوجية أو كيميائية بتدميرها وعدم استحداثها وإنتاجها وتخزينها وحيازتها والاحتفاظ بها ونقلها واستخدامها في المستقبل، بينما تتعهد الدول التي لا تمتلك هذه الأسلحة بالحفاظ على التزامها بذلك. ولا يمكن التمسك بالقواعد المناهضة للأسلحة البيولوجية والكيميائية إلا إذا أيدتها كلتا الفئتين من الدول. علاوة على ذلك، تساعد الاتفاقيات على منع التسلح أو إعادة التسلح في المستقبل فيما يتعلق بالأسلحة البيولوجية والكيميائية. كما أشرنا في المفهوم الخطأ 4، فإن الأسلحة البيولوجية (والأسلحة الكيميائية بالمثل) ليست “أمرًا من الماضي”. بالنظر إلى تطورات العلم والتكنولوجيا والتهديدات الجديدة من مختلف الجهات الفاعلة، ستظل اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية مهمتين لجميع الدول في المستقبل.

    علاوة على ذلك، فإن الاتفاقيات لا تتعلق فقط بالمحظورات. فهي تعزز – وبما يشمل تبادل المواد والمعدات – الأنشطة السلمية باستخدام المواد الكيميائية السامة والعوامل البيولوجية والتكسينات التي تتم بطريقة آمنة ومأمونة لمنع إساءة استخدامها. كما تنص كذلك، بدرجات متفاوتة، على آليات التعاون والتحقيق والمساعدة في حالات الانتهاك المحتملة والمؤكدة. ومن ثمَّ، فإن كون دولة ما طرفًا في الاتفاقيات لا يفرض عليها التزامات فحسب، بل إنه يمنحها حقوقًا ومزايا تهم جميع الدول. كذلك يمكن أن توفر الآليات والمبادرات والأنشطة والخبرات التي أنشأتها اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية عددًا من المزايا للدول الأطراف. حيث يمكن أن يساعد التنفيذ الشامل والفعال للاتفاقيات من خلال التدابير الوطنية المناسبة في تعزيز الأمن القومي، والصحة العامة، وصحة الحيوان والنبات على المستوى الوطني. كما يساعد على منع انتشار الأسلحة البيولوجية والكيميائية من قبل جهات فاعلة غير الدول، كما ورد في المفهوم الخطأ 21.

    وضع اتفاقية الأسلحة البيولوجية، حتى نوفمبر 2022
    184 دولة طرف
    4 دول موقعة: مصر، هايتي، الصومال، الجمهورية العربية السورية
    9 دول غير موقعة: تشاد، جزر القمر، جيبوتي، إريتريا، إسرائيل، كيريباتي، ولايات ميكرونيزيا الموحدة، جنوب السودان، توفالو

    وضع اتفاقية الأسلحة الكيميائية، حتى نوفمبر 2022
    193 دولة طرف
    1 دولة موقعة: إسرائيل

  • المفهوم الخطأ 14: لم يعد بروتوكول جنيف لعام 1925 مناسبًا نتيجة لاعتماد اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية

    المفهوم الخطأ وآثاره
    بعض الدول التي انضمت إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية، أو كليهما، ولكنها لم تنضم بعد إلى بروتوكول جنيف لعام 1925، تشكك في أهمية الانضمام إلى البروتوكول نتيجة لاعتماد اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية. ويعني هذا المفهوم الخطأ أن الدول تنظر إلى بروتوكول جنيف لعام 1925 على أنه لا علاقة له بها، خاصة إذا كانت قد التزمت بالفعل باتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية أو كليهما، ولذلك قررت عدم الالتزام به.

    معالجة المفهوم الخطأ:
    يرتبط هذا القسم بالمفهوم الخطأ 1 بشأن حظر استخدام الأسلحة البيولوجية في اتفاقية الأسلحة البيولوجية. بموجب بروتوكول جنيف لعام 1925، تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بعدم استخدام الغازات البكتريولوجية أو الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع المواد أو الأجهزة المماثلة كوسيلة للحرب. ومع ذلك، أعرب عدد من الدول عن تحفظات عند الانضمام إلى البروتوكول،[1] مشيرة على سبيل المثال إلى أنها ملزمة فقط فيما يتعلق بالدول الأخرى التي صدقت على البروتوكول وأنها لن تكون ملزمة بذلك تجاه الدول التي تنتهك البروتوكول بشروعها أولاً في استخدام الأسلحة البيولوجية أو الكيميائية. وعليه، فإن البروتوكول ينص عمليًا على حظر عدم البدء باستخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية بين الدول الأطراف. أعاد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2603 (XXIV) في عام 1969 التأكيد على أن المحظورات الواردة في البروتوكول هي قواعد مُعترف بها عمومًا في القانون الدولي. وبشكل عام، يمكن اعتبار حظر البدء في الاستخدام، وحظر الاستخدام جزءًا من القانون الدولي العرفي،[2] ومن ثمَّ فهو ملزم لجميع الدول.

    كما أسلفنا أعلاه، فإن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة والوثائق الختامية للمؤتمرات الاستعراضية لاتفاقية الأسلحة البيولوجية تُشير جميعها إلى الارتباط بين اتفاقية الأسلحة البيولوجية وبروتوكول جنيف. نصت الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي السابع على ما يلي:

    “…. بروتوكول جنيف لعام 1925 … والاتفاقية يكمل كل منهما الآخر. يُعيد المؤتمر التأكيد على أنه لا يوجد أي شيء في الاتفاقية يمكن تفسيره على أنه يحد بأي شكل من الأشكال أو ينتقص من الالتزامات التي تتحملها أي دولة ما بموجب بروتوكول جنيف لعام 1925”[3]

    وهذا يوضح الأهمية المستمرة لبروتوكول جنيف وكيف تعزز المعاهدتان بعضهما. وبالمثل، تُشير ديباجة اتفاقية الأسلحة الكيميائية صراحة إلى بروتوكول جنيف ثلاث مرات في الديباجة. علاوة على ذلك، بموجب المادة الثالثة عشرة من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، لا يوجد في هذه المعاهدة “ما يُفسر على أنه يحد أو ينقص بأي شكل من الأشكال من التزامات أية دولة” بموجب بروتوكول جنيف (واتفاقية الأسلحة البيولوجية).

    عالمية بروتوكول جنيف
    في نوفمبر 2022، بلغ عدد الدول الأطراف في بروتوكول جنيف 146 دولة. وقد انضم أكثر من ثلث هذا العدد إلى البروتوكول بعد فتح باب التوقيع على اتفاقية الأسلحة البيولوجية في عام 1972، وانضمت أحدث دولة طرف إلى بروتوكول جنيف في عام 2020. يُشير هذا التطور إلى أن العديد من الدول تعتبر البروتوكول ذا صلة، حتى تلك التي لم تنضم بعد إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    لذلك، من الواضح أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية يقومان على الأساس الذي حدده بروتوكول جنيف. لذلك فإن البروتوكول أداة رئيسية و”لا يزال ركيزة حاسمة للبنية القانونية الدولية التي تتطلب مبادئها الالتزام الجاد.”[4] نظرًا إلى النطاق المحدود لبروتوكول جنيف (الذي يتناول الاستخدام فقط وليس الأنشطة الأخرى مثل التطوير والحيازة وما إلى ذلك) والتحفظات الواسعة النطاق عليه حيث (قصر الحظر على “عدم البدء بالاستخدام”)، كان من الضروري للمجتمع الدولي أن يُنشئ صكوكًا قانونية دولية جديدة لمواجهة تهديد الأسلحة البيولوجية والكيميائية.

    على الرغم من إنشاء اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية ودخولها حيز التنفيذ، استمرت الجهود للتأكيد على أهمية بروتوكول جنيف لعام 1925. على سبيل المثال، في القرار 75/46[5] الصادر في 7 ديسمبر 2020، نصت الجمعية العامة للأمم المتحدة على:

    “2. تجدد دعوتها السابقة لجميع الدول إلى التقيد الصارم بمبادئ وأهداف بروتوكول حظر
    الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها ولوسائل الحرب البكتريولوجية، وتعيد التأكيد على الضرورة البالغة لدعم أحكامه.

    1. تهيب بالدول التي لا تزال لديها تحفظات على بروتوكول جنيف لعام 1925 أن تسحب تلك التحفظات […]؛”

    لذلك فإن بروتوكول جنيف لعام 1925 والمبادئ الواردة فيه لا تزال تعتبر وثيقة الصلة بالموضوع. يُشكل البروتوكول الأساس لآلية الأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية[6] وتجريم الأسلحة البيولوجية والكيميائية في نظام روما الأساسي.[7] يُعد الالتزام بالبروتوكول من أفضل الممارسات على المستوى الدولي، ويتم تشجيع الدول غير الأطراف على الانضمام إلى البروتوكول في أقرب وقت ممكن.

    [1] على سبيل المثال، انظر مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، “بروتوكول حظر الاستخدام الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات ووسائل الحرب البكتريولوجية”، راجع https://treaties.unoda.org/t/1925.

    [2] قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني، “الولايات المتحدة الأمريكية”، الممارسة المتعلقة بالقاعدة 74. الأسلحة الكيميائية”، راجع https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/eng/docs/v2_cou_us_rule74

    [3] المؤتمر الاستعراضي السابع للدول الأطراف في اتفاقية حظر

    استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة، “الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي السابع”، 13 يناير 2021، BWC/CONF.VII/7، المادة الثامنة، 42.

    [4]Alex Spelling, Brian Balmer and Caitriona McLeish, “The Geneva Protocol at 90: An Anchor for Arms Control?”, the Guardian، ‏17 يونيو 2015، راجع https://www.theguardian.com/science/the-h-word/2015/jun/17/the-geneva-protocol-at-90-an-anchor-for-arms-control.

    [5] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة “تدابير لدعم سلطة بروتوكول جنيف لعام 1925″، ‏‏‏‏A/RES/75/46، ‏7 ديسمبر 2020.

    [6] انظر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، “الأسلحة الكيميائية والبكتريولوجية (البيولوجية)”، A/RES/42/37،‏ 30 نوفمبر 1987.

    [7] انظر نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، المادة 8 (2) (ب) (17) و(18)، تعديل 2010 لنظام روما الأساسي (RC/Res.5) المادة 8 (2)(هـ)(13) و(14) وتعديل 2017 لنظام روما الأساسي (ICC-ASP/16/Res.4) المادة 8(2)(ب)(27) وتعديل 2017 لنظام روما الأساسي (ICC-ASP/16/Res.4) المادة 8(2)(هـ)(16).

  • المفهوم الخطأ 15: يتم تناول التكسينات والأسلحة التكسينية فقط في نطاق اتفاقية الأسلحة البيولوجية، وليس ضمن اتفاقية الأسلحة الكيميائية

    المفهوم الخطأ وآثاره
    هناك مفهوم خطأ بأن التكسينات والأسلحة التكسينية تقع فقط ضمن نطاق اتفاقية الأسلحة البيولوجية، وليس اتفاقية الأسلحة الكيميائية، أو أن التكسينات فقط مثل الريسين والأسلحة التكسينية محظورة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية. قد يؤدي الخلط بين نطاق اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية إلى إضعاف قاعدة مكافحة الأسلحة التكسينية إذا ساد الادعاء بأنها ليست محظورة أو محظورة جزئيًا فقط.

    علاوة على ذلك، قد يؤدي ذلك إلى التباس بشأن نطاق التشريعات التنفيذية لتلك الاتفاقيات، ما قد يؤدي إلى قوانين ولوائح غير كافية وغير وافية لحظر ومنع الأنشطة غير المشروعة باستخدام التكسينات والأسلحة التكسينية بشكل فعال وشامل. وهذا من شأنه أن يتعارض مع الاتفاقيات ويخلق خطرًا حقيقيًا يتمثل في أن يمر سوء الاستخدام دون عقاب. ينبغي أن يسمح التشريع المناسب بمقاضاة ومعاقبة أفعال مثل شراء وبيع التكسينات بصورة غير مشروعة، وكذلك إنتاج سلاح تكسيني لإلحاق الضرر بالناس. ولسوء الحظ، فقد وقعت مثل هذه الحوادث في السنوات الأخيرة.[1] يجب إدراج الريسين أو الأبرين أو التكسينات الخطرة الأخرى في القوائم الوطنية للمواد الخاضعة للرقابة والمحظورات. قد يؤدي عدم القيام بذلك إلى غياب أو إسقاط التهم الجنائية المتعلقة بالأنشطة التي كان ينبغي مقاضاتها.[2] وقد يضعف التأثير الرادع للتشريع الجنائي الذي يساعد في منع حدوث مثل هذه الأعمال غير القانونية.

    قد يكون أبسط سبب لهذا المفهوم الخطأ هو الاسم الكامل لاتفاقية الأسلحة البيولوجية ألا وهو “اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة”. إن الإدراج الصريح للتكسينات في عنوان المعاهدة قد يدفع بعض صُناع السياسات والمشرعين القانونيين والخبراء الفنيين إلى الاعتقاد بأن الاتفاقية هي الاتفاقية الوحيدة المخصصة التي تتناول حظر الأسلحة التكسينية ومنعها، والسيطرة على الأنشطة التي تحتوي على تكسينات. ومع ذلك، فإن الاسم الشائع الاستخدام لاتفاقية الأسلحة البيولوجية والتكسينية ألا وهو “اتفاقية الأسلحة البيولوجية”، يستبعد مكون “التكسين” من ثمَّ، فعلى الرغم من هذا المفهوم الخطأ، فإنه في بعض الأحيان لا يتم تناول التكسينات في المناقشات المتعلقة بالأسلحة البيولوجية، ما يضيف مزيدًا من الالتباس بشأن دور التكسينات في اتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    قد يُفسر سبب فني أكثر سبب سوء الفهم أو الالتباس بشأن نطاق اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، وذلك فيما يتعلق بالتكسينات والأسلحة التكسينية. ففي هذا الصدد، تُشير إرشادات منظمة الصحة العالمية لعام 2004 بشأن استجابة الصحة العامة للأسلحة البيولوجية والكيميائية إلى ما يلي: “تكسين” كلمة ليس لها معنى مقبول بشكل عام في المراجع العلمية.[3]” لذلك قد يكون هناك سوء فهم حول ماهية التكسينات وكيفية إنتاجها وكيفية تعريفها. وهذا يزيد من صعوبة تبني تعريف مناسب وتلبية متطلبات اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية بشكل شامل في التشريع.

    معالجة المفهوم الخطأ
    لا يوجد تعريف لكلمة “تكسينات” سواء في اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية. تحظر اتفاقية الأسلحة البيولوجية في مادتها الأولى صراحة “العوامل الجرثومية أو العوامل البيولوجية الأخرى، أو التكسينات أيًا كان منشؤها أو أسلوب إنتاجها،  من الأنواع وبالكميات التي لا تكون موجهة لأغراض الوقاية أو الحماية أو الأغراض السلمية الأخرى.” أوضحت الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية نطاق المادة الأولى فيما يتعلق بالتكسينات خلال المؤتمرات الاستعراضية المتتالية، ولكن دون تعريف التكسينات. في المؤتمر الاستعراضي الثاني لاتفاقية الأسلحة البيولوجية في عام 1986، تم التأكيد مجددًا على أن “الاتفاقية تسري  بشكل لا لبس فيه على جميع التكسينات الطبيعية أو المُصنعة […] أيًا كان منشؤها أو أسلوب إنتاجها. من ثمَّ، فإن التكسينات (البروتينية وغير البروتينية على السواء) ذات الطبيعة الجرثومية أو الحيوانية أو النباتية ونظائرها المنتجة اصطناعيًا تكون مشمولة”.[4] جاء في المؤتمر الاستعراضي السادس في عام 2006، “يعلن المؤتمر أن الاتفاقية شاملة في نطاقها وأن المادة الأولى تغطي بشكل لا لبس فيه جميع التكسينات المكونة بشكل طبيعي أو بشكل صناعي أو المحوَّرة […] فضلاً عن العناصر المكونة لها، بصرف النظر عن منشئها وطريقة إنتاجها وما إذا كانت تؤثر أم لا على البشر أو الحيوانات أو النباتات والأنواع والكميات التي لا مبرر لها لأغراض الوقاية أو الحماية أو غيرها من الأغراض السلمية.” وباختصار، فإن التكسينات التي تنص عليها اتفاقية الأسلحة البيولوجية هي التكسينات ذات الطبيعة الميكروبية أو الحيوانية أو النباتية؛ ويمكن أن تكون طبيعية أو مصطنعة؛ ويمكن أن تؤثر على البشر أو الحيوانات، أو على النباتات، وذلك على عكس اتفاقية الأسلحة الكيميائية كما هو موضح فيما يلي.[5]

    يمكن أن توفر الوثائق الإرشادية الدولية المتعلقة بتنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية المزيد من الإيضاح. وقد لاحظ المؤتمران الاستعراضيان السابع والثامن قيمة تنفيذ هذه المبادئ التوجيهية والمعايير الطوعية.[6] وفيما يتعلق بالتكسينات، تساهم هذه الوثائق في اتفاقية الأسلحة البيولوجية من خلال تقديم تعريف لمصطلح “التكسين”. توضح إرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن استجابة الصحة العامة للأسلحة البيولوجية والكيميائية أن “اتفاقية الأسلحة البيولوجية، حيث تُشير إلى التكسينات، فإنها تعني المواد السامة التي ينتجها أي كائن حي، حتى عندما يتم إنتاج هذه المواد بالفعل بوسائل أخرى، منها التخليق الكيميائي.”[7] يقدم معيار ISO 35001 بشأن إدارة المخاطر البيولوجية للمختبرات والمنظمات الأخرى ذات الصلة تعريفًا موسعًا حيث يُعرف التكسين بأنه: “مادة تنتجها النباتات أو الحيوانات أو الأحياء الأولية أو الفطريات أو البكتيريا أو الفيروسات، والتي تنتج بكميات صغيرة أو متوسطة ذات آثر ضار على البشر أو الحيوانات أو النباتات”.[8] التكسينات  التي يُعرف أنه تم تحويلها إلى أسلحة أفلاتوكسينات (التي تنتجها الفطريات) تكسينات البوتولينوم وتكسينات المكورات العنقودية الذهبية (التكسينات البكتيرية) والساكسيتوكسين والريسين (التكسينات النباتية).[9]  وتشمل الآثار الضارة لهذه التكسينات تهيج العين والأنف والحنجرة؛ وحجب الرؤية؛ والتسمم الغذائي؛ وشلل عضلة هيكلية؛ وتنميلاً؛ وفشلاً تنفسيًا يمكن أن يؤدي إلى الوفاة. ومع ذلك، يمكن أيضًا استخدام التكسينات للأغراض السلمية المشروعة، على سبيل المثال في علم الأعصاب أو علم الأدوية أو العلاجات الطبية والتجميلية.[10]

    تحظر اتفاقية الأسلحة الكيميائية الأسلحة الكيميائية والتي تشمل في المادة الأولى (1) (أ) “المواد الكيميائية السامة وسلائفها، فيما عدا المواد المعدة منها لأغراض غير محظورة بموجب هذه الاتفاقية ما دامت الأنواع والكميات متفقة مع هذه الأغراض.” تُعرِّف المواد الكيميائية السامة في المادة الثانية (2) بأنها: “أي مادة كيميائية يمكن من خلال مفعولها الكيميائي في العمليات الحيوية أن تحدث وفاة أو عجزًا مؤقتًا أو أضرارًا دائمة للإنسان أو الحيوان“. وهذا يشمل جميع هذه المواد الكيميائية،  بصرف النظر عن منشئها أو طريقة إنتاجها، وبصرف النظر عما إذا كانت تنتج في مرافق أو ذخائر أو أي مكان آخر. […].” تندرج التكسينات ضمن هذا التعريف، لأنها سامة وكيميائية.[11] لذلك فإن الأسلحة التكسينية محظورة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية. تم إدراج الساكسيتوكسين والريسين في الجدول 1 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، لتطبيق تدابير التحقق (انظر المفهوم الخطأ 7 فيما يتعلق بمعنى المواد الكيميائية المجدولة). كما تم التأكيد أعلاه في المادة الثانية (2) من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، أن الاتفاقية لا تنطبق على التكسينات التي تسبب ضررًا للنباتات، ولكن فقط للإنسان والحيوان (انظر المفهوم الخطأ 9 لمزيد من التفاصيل). لذلك من المهم إدراج جميع التكسينات الضارة بالنباتات في تشريعات تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية لضمان تغطية جميع التكسينات في التشريعات الوطنية.

    باختصار، فإن التكسينات هي مواد كيميائية سامة تقع ضمن نطاق اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، فإن اتفاقية الأسلحة البيولوجية تغطي جميع التكسينات، في حين أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تغطي التكسينات التي تؤثر على النباتات فقط. ويجب على الدول في التشريعات التنفيذية الوطنية، أن تحرص على تناول جميع التكسينات، ومنها تلك التي تؤثر على النباتات، بما يتوافق مع اتفاقية الأسلحة البيولوجية مع مراعاة المتطلبات المحددة لاتفاقية الأسلحة الكيميائية فيما يتعلق بالمواد الكيميائية المجدولة مثل الريسين.

    [1] انظر Russell Moul and Yasemin Balci, “First conviction under UK’s BWC Act,” VERTIC Trust and Verify Issue 147, ص 7-8؛ Russell Moul and Yasemin Balci, “Sentencing of toxin salesman from the dark web,” VERTIC Trust and Verify Issue 148، ص 7؛ and Thomas Brown, “Couple charged with BW offence in Germany,” VERTIC Trust and Verify Issue 164، ص 13.

    [2] انظر Yasemin Balci, “Error in US biological weapons law leads to dropping of criminal charges,” Trust & Verify Issue 162، ص 13.

    [3] منظمة الصحة العالمية “استجابة الصحة العامة للأسلحة البيولوجية والكيميائية“، إرشادات منظمة الصحة العالمية، جنيف، 2004، ص 214.

    [4] الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثاني لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، 1986، BWC/CONF.II/13، ص 3.

    [5] BWC/CONF.VI/6، ص 9. انظر أيضًا تكرارات ذلك في المؤتمرات الاستعراضية المتتالية، كما تم تجميعها في التفاهمات والاتفاقيات الإضافية التي توصلت إليها المؤتمرات الاستعراضية السابقة فيما يتعلق بكل مادة من مواد الاتفاقية، وفي وثيقة المعلومات الأساسية المقدمة من وحدة دعم التنفيذ، BWC/CONF.IX/PC/5،‏ 10 يناير 2022.

    [6]انظر المؤتمر الاستعراضي الثامن للدول الأطراف في اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة، “الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن”، BWC/CONF.VIII/4‏، 11 يناير 2017، المادة 2 د (13).

    [7] منظمة الصحة العالمية “استجابة الصحة العامة للأسلحة البيولوجية والكيميائية“، إرشادات منظمة الصحة العالمية، جنيف، 2004، ص 6.

    [8] المرجع نفسه، القسم 3.15.

    [9] المرجع نفسه، ص 216 وما يليها.

    [10] كما ورد في “Australia Group Common Control List Handbook, vol. II Biological Weapons-related common Control Lists, Revision ‏6″، يناير 2021، ص 2.

    [11] منظمة الصحة العالمية “استجابة الصحة العامة للأسلحة البيولوجية والكيميائية“، إرشادات منظمة الصحة العالمية، جنيف، 2004، ص 5-6؛ 215.

  • المفهوم الخطأ 16: تستخدم الأسلحة البيولوجية والكيميائية دائمًا على نطاق واسع

    المفهوم الخطأ وآثاره
    هناك مفهوم خطأ بأن استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية يكون دائمًا على نطاقٍ واسع. يُذكر أن هذا المفهوم الخطأ ينبع من فكرة أن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية هي “أسلحة دمار شامل”. لذلك، وبطريقة مماثلة للمفاهيم الخطأ السابقة، فإن جزءًا من سوء الفهم ناتج عن فكرة أن الحرب الكيميائية والبيولوجية حرب واسعة النطاق وعشوائية في ساحة المعركة.

     وهذا المفهوم الخطأ يمكن أن يؤدي إلى تجاهل السلطات المختصة للأعمال التي تنطوي على أسلحة بيولوجية أو كيميائية على الصعيد الدولي أو الوطني. علاوة على ذلك، على المستوى الوطني، قد تخفق سلطات إنفاذ القانون في مقاضاة الجرائم البيولوجية أو الكيميائية ذات الصلة بالشكل المناسب، نتيجة لسوء فهم نطاق تشريعات تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    معالجة المفهوم الخطأ

    ولمعالجة هذا المفهوم الخطأ، من المهم توضيح أنه ليست كل الأسلحة الكيميائية والبيولوجية تُعد أسلحة دمار شامل ويمكنها أن تكون ذات نطاق أصغر.  غالبًا ما يستخدم مصطلح “أسلحة الدمار الشامل” (WMD) لوصف الأسلحة الكيميائية والبيولوجية (إلى جانب الأسلحة الأخرى مثل الأسلحة النووية وأحيانًا الإشعاعية). توجد عبارة أسلحة الدمار الشامل في ديباجة اتفاقية الأسلحة الكيميائية[1] وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1540[2]، ومع ذلك لا توجد معاهدة دولية تُعرّف المصطلح بشكل رسمي. تحدد الدول أحيانًا المصطلح في تشريعاتها الوطنية أو غيرها من الصكوك، ومع ذلك أشارت دراسة[3] أُجريت في عام 2012 أن هناك أكثر من 50 تعريفًا لأسلحة الدمار الشامل صادرة عن حكومات أو منظمات دولية. حتى أن بعض العلماء اقترحوا التخلي عن المصطلح لأنه يخفق في وصف التحديات الفريدة لكل نوع من أنواع الأسلحة.[4] ومن ثمَّ، على الرغم من الإشارات إلى الأسلحة الكيميائية والبيولوجية كأسلحة دمار شامل، فإن هذا الوصف لا يعني بالضرورة أنها ذات نطاق واسع.

    والجدير بالذكر أن أحكام اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تحتوي على حدود كمية فيما يتعلق بهذه الأسلحة. وعلى النحو المبين أعلاه، تنطوي تعاريف الأسلحة البيولوجية والكيميائية الموجودة في الاتفاقيات على معيار الغرض العام، حيث يتم تعريف الأسلحة من خلال الأنشطة التي تنطوي على مواد معينة (عوامل بيولوجية أو تكسينات أو مواد كيميائية سامة) لأغراض معينة. ومن ثمَّ، فإن أي نشاط محظور يتضمن أي عامل بيولوجي أو تكسين أو مادة كيميائية سامة لغرض غير مسموح به بموجب المعاهدة ذات الصلة يُعد انتهاكًا لتلك المعاهدة. على سبيل المثال، لا يزال يُعد استخدام عامل بيولوجي أو تكسين أو مادة كيميائية سامة لإحداث ضرر لشخص واحد استخدامًا لسلاح بيولوجي أو كيميائي بالنسبة إلى أغراض اتفاقية الأسلحة البيولوجية/اتفاقية الأسلحة الكيميائية. علاوة على ذلك، في حالة استخدام سلاح بيولوجي أو كيميائي، لا يُشير نص الاتفاقيات إلى الضرر الفعلي الناجم عن استخدام سلاح بيولوجي أو كيميائي، ومن ثم يجب ألا يكون تأثير هذا الاستخدام قاتلاً لكي يشكل انتهاكًا لاتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

    وفي الواقع، فإن الأسلحة البيولوجية والكيميائية قد استُخدمت على مدى التاريخ على نطاق ضيق أو لمهاجمة أهداف فردية. “في السبعينيات، استخدمت الأسلحة البيولوجية في الاغتيالات السرية[5]“، ومنها جريمة القتل النكراء لجورجي ماركوف في لندن عام 1978 الذي أفادت مزاعم بأنه حُقِنَ بالريسين السام باستخدام مظلة معدة لهذا الغرض.[6] كما أشارت مزاعم مماثلة بشأن استخدم الأسلحة الكيميائية لاستهداف الأفراد. على سبيل المثال، أدى الاستخدام الأخير لنوفيتشوك في المملكة المتحدة (انظر المفهوم الخطأ 7) إلى اتهام المشتبه بهم “باستخدام وحيازة نوفيتشوك بما يتعارض مع قانون الأسلحة الكيميائية”،[7] ما يدل على أن التشريع الوطني لتنفيذ اتفاقية الأسلحة الكيميائية يمكن استخدامه للمساءلة بشأن استخدام المواد الكيميائية السامة كسلاح كيميائي على نطاقٍ ضيق. وبالمثل، في سبتمبر 2020، طلبت ألمانيا المساعدة الفنية من الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بموجب الفقرة الفرعية 38 (هـ) من المادة الثامنة من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، فيما يتعلق بمزاعم استخدام سلاح كيميائي ضد السيد أليكسي نافالني.[8] علاوة على ذلك، في عام 2017، اغتيل كيم جونغ نام، الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، في مطار كوالالمبور الدولي[9] إثر هجوم زُعم أنه اشتمل على المادة الكيميائية السامة “في إكس”. ومن ثمَّ، فقد قيل إن: “مصطلح أسلحة الدمار الشامل قد لا يكون مفيدًا عند التفكير في حالات استخدامها في العقود الأخيرة، حيث يبدو أن كلاً من الجهات الفاعلة على مستوى الدولة والمتبنية للعنف من غير الدول تفضل الاستخدام التكتيكي للأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية لإحداث تأثيرات مخصصة.”[10]

    لذلك من المهم أن تفهم جميع الجهات الفاعلة المُشاركة في ضمان منع الأسلحة البيولوجية والكيميائية ماهية تلك الأسلحة، لتمكين أصحاب المصلحة من تنفيذ الاتفاقيات بفعالية. فأي نشاط محظور ينطوي على عامل بيولوجي أو تكسين أو مادة كيميائية سامة لغرض غير مسموح به بموجب المعاهدة ذات الصلة يُعد انتهاكًا لتلك المعاهدة وسيشكل جريمة على المستوى الوطني طالما نص القانون الوطني على المحظورات والعقوبات ذات الصلة.

    [1] ديباجة اتفاقية الأسلحة الكيميائية: “تصميمًا منها على العمل من أجل إحراز تقدم فعال نحو نزع السلاح العام والكامل في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة، بما يشمل حظر وإزالة جميع أنواع أسلحة التدمير الشامل”

    [2] ويؤكد من جديد، في هذا السياق، بيان رئيسه المعتمد في اجتماع المجلس المنعقد على مستوى رؤساء الدول والحكومات في 31 يناير 1992 (S/23500)، بما يشمل ضرورة وفاء جميع الدول الأعضاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالرقابة على التسلح بجميع أسلحة الدمار الشامل ونزعها ومنع انتشارها بجميع جوانبها،

    [3] انظر W. Seth Carus, Defining‘Weapons of Mass Destruction’”, Center for the Study of Weapons of Mass Destruction Occasional Paper, No. 8، يناير 2012.

    [4] Bryan R. Early, Erika G. Martin, Brian Nussbaum, Kathleen Deloughery. “Should conventional terrorist bombings be considered weapons of mass destruction terrorism?” Dynamics of Asymmetric Conflict 10:1, 2017 ص‏54-73.

    [5] Stefan Riedel, “Biological warfare and bioterrorism: a historical review”, Proceedings (Baylor University. Medical Center) 2004 October; 17(4): ص400-406.

    [6] المرجع نفسه.

    [7]Crown Prosecution Service, “CPS Statement – Salisbury”, 05 سبتمبر 2018، راجع https://www.cps.gov.uk/cps/news/cps-statement-salisbury.

    [8] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “موضوع مميز: قضية السيد أليكسي نافالني”، راجع https://www.opcw.org/media-centre/featured-topics/case-mr-alexei-navalny.

    [9] انظر، Scott Spence, “The curious case of Kim Jong-nam and Malaysia’s CWC legislation”, Trust & Verify No.156, VERTIC, ربيع 2017.

    [10]Natasha E. Bajema, “Beyond Weapons of Mass Destruction: Time for a New Paradigm?”, Council on Strategic Risks, Briefer No.13، ‏1 فبراير 2021، ص 1.

  • المفهوم الخطأ 17: لا توجد علاقة بين الجنسانية وأنظمة الأسلحة البيولوجية والكيميائية.

    المفهوم الخطأ وآثاره
    تكون المناقشات حول الاعتبارات الجنسانية في المحافل متعددة الأطراف لاتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية مثيرة للجدل في بعض الأحيان أو تقتصر على جوانب محدودة من النقاش. قد يكون رفض النظر في الجوانب الجنسانية لقضايا الأسلحة البيولوجية والتكسينية والكيميائية أو تناولها بشكل جزئي أمرًا متعمدًا، ولكن قد يرجع ذلك أيضًا لسوء الفهم المتعلق بمدى ارتباط أحد الجوانب بالجانب الآخر والذي قد يخضع للمناقشات بموجب الاتفاقيات. وفي حين أن العوامل المجتمعية أو غيرها من العوامل غير القانونية قد تدفع البعض إلى الاعتقاد بأن الجوانب الجنسانية لا تمت لنظام الأسلحة البيولوجي والتكسينية والكيميائية بصلة، فقد يكمن سوء الفهم أيضًا إما في أحكام الاتفاقيات أو افتقارها لأحكامٍ معينة. فعلى عكس الصكوك الأحدث مثل معاهدة حظر الأسلحة النووية (TPNW)، فإن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تشيران إلى عواقب استخدام الأسلحة البيولوجية والتكسينية والكيميائية ضد النساء والفتيات، ولا إلى مشاركتهن في نزع الأسلحة البيولوجية والكيميائية. وقد يؤدي عدم وجود إشارة صريحة في الاتفاقيات إلى اعتقاد البعض بأن هذه القضايا لا يمكن التعامل معها بواسطة الدول الأطراف والمؤسسات المشاركة في تنفيذ الاتفاقيات.

    وفي هذا الصدد سلطت عدد من الدراسات الضوء على العواقب المحتملة أو الناشئة بالفعل نتيجة لنقص المنظور الجنساني في العمل على القضايا المتعلقة باتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية.[1]  وقد شملت:

    • نقص تمثيل المرأة في الوفود الرسمية للدول، والمناصب الرئيسية ضمن هذه الوفود أو داخل المنظمات الدولية مثل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو الأمم المتحدة؛
    • نتيجة لذلك، تُستبعد وجهات نظر وخبرات قطاع مهم من السكان؛
    • عدم مراعاة قضايا معينة مثل تأثير استخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية على النساء والفتيات كضحايا أو كأول المستجيبات، وكيفية تحسين الاستعداد والاستجابة لهجمات الأسلحة البيولوجية والكيميائية وفقًا لذلك.[2]

    بالإضافة إلى ذلك، قد يكون لهذا المفهوم الخطأ آثار على التقيد ببعض الصكوك الدولية التي تشجع وتحث الدول الآن تحديدًا على تبني تدابير تتعلق بالقضايا الجنسانية.

    الأحكام المتعلقة بالمنظور الجنساني في معاهدة حظر الأسلحة النووية 

    الديباجة:
    وإذ تدرك أن العواقب الكارثية للأسلحة النووية[…] وأنها تؤثر تأثيرًا غير متناسب على النساء والفتيات، بما يشمل نتيجة للإشعاعات المؤينة […]
    وإذ تسلم بأن مشاركة المرأة والرجل معًا مشاركةً متساوية وكاملة وفعالة عامل أساسي لتعزيز وتحقيق السلام والأمن الدائمين، والتزامًا منها بدعم وتعزيز مشاركة المرأة مشاركة فعالة في نزع السلاح النووي[…]

    المادة 6 مساعدة الضحايا وإصلاح البيئة

    1. تقوم كل دولة طرف بتوفير ما يكفي من المساعدة المراعية للسن ونوع الجنس، دون تمييز، للأشخاص المشمولين بولايتها المتضررين من استخدام الأسلحة النووية أو من تجريبها، وفقًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الواجب التطبيق، بما يشمل توفير الرعاية الطبية والتأهيل والدعم النفساني، وتهيئ لهم كذلك أسباب الإدماج الاجتماعي والاقتصادي. […]

    معالجة المفهوم الخطأ

    يعرّف مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح المنظور الجنساني على أنه يُشير إلى “السمات والفرص الماثلة اجتماعيًا فيما يتعلق بالنساء والرجال والفتيات والفتيان وكذلك الأشخاص غير الثنائيين أو الذين يتسمون بالمرونة الجنسانية.”[3] كما ذُكر أعلاه، لا تتضمن اتفاقية الأسلحة البيولوجية ولا اتفاقية الأسلحة الكيميائية أحكامًا متعلقة بالمنظور الجنساني، ولكن هذا لا يمنع الدول الأطراف من الموافقة على دعم المساواة بين الجنسين ووجهات النظر. على سبيل المثال، وردت القضايا الأخرى غير المذكورة صراحة في اتفاقية الأسلحة البيولوجية في تفاهمات واتفاقات إضافية من جانب الدول الأطراف في أثناء المؤتمرات الاستعراضية لتفسير أو تعريف أو توضيح معنى أو نطاق أحكام الاتفاقية؛ أو تقديم تعليمات أو مبادئ توجيهية أو توصيات حول كيفية تنفيذ الأحكام.[4] وبالمثل، كانت هناك مقترحات بإدراج بند دائم في جدول أعمال اجتماعات اتفاقية الأسلحة البيولوجية لكي تناقش الدول الأطراف وتتفق على سبل تعزيز المساواة بين الجنسين ووجهات النظر بشأن جميع الأنشطة المتعلقة باتفاقية الأسلحة البيولوجية.[5]

    في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يمكن تكييف الممارسات المؤسسية لمراعاة الاعتبارات المتعلقة بالمنظور الجنساني. وقد التزم المدير العام بأن يكون جزءًا من مبادرة الشبكة الدولية لأنصار ونصيرات المساواة بين الجنسين، وأجرت الأمانة تدقيقًا حول المنظور الجنساني والتنوع في عام 2020 “للتحقق من مدى إضفاء الطابع المؤسسي على المساواة بين الجنسين والتنوع والشمول على مستوى الأمانة، وتحليل السياسات والممارسات، والبرامج.”[6]يمكن بذل المزيد من العمل لتعزيز مشاركة المرأة في قطاع الكيمياء في جميع أنحاء العالم.

    كما تم إدراج المنظور الجنساني بشكل تدريجي في القرارات التي اعتمدتها هيئات الأمم المتحدة، ومنها تلك التي تركز على نزع الاسلحة وعدم انتشارها والحد منها. كان قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325، المعتمد في 31 أكتوبر2000، أساسيًا في الاعتراف بدور المرأة في السلام والأمن وتعزيز المنظور الجنساني والمساواة في هذا السياق. وفي 8 ديسمبر 2010، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 65/69 بشأن المرأة ونزع السلاح وعدم انتشار الأسلحة والحد منها، والذي ركز على التمثيل العادل والمشاركة الفعالة للمرأة في جميع عمليات صُنع القرار والمؤسسات ذات الصلة بنزع الأسلحة وعدم انتشارها والحد منها. شجعت قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن اتفاقية الأسلحة البيولوجية، في ديباجتها، على المشاركة المتساوية للنساء والرجال في إطار الاتفاقية.[7] ولذلك، أصبحت المساواة والتكافؤ بين الجنسين والتحليل والمنظور الجنساني مرتبطة الآن بالمسائل المتعلقة بنزع الاسلحة البيولوجية والكيميائية وعدم انتشارها والحد منها.

    [1] انظر على سبيل المثال UNIDIR, “Gender Equality in the Biological Weapons Regime”, Factsheet: Gender and biological weapons, International Gender Champions Disarmament Impact Group، ‏4 مايو 2021،

    https://unidir.org/gender-biological-weapons; UNIDIR “Gender Equality in the Chemical Weapons Regime”, Factsheet: Gender and chemical weapons، ‏16 نوفمبر 2021،

    https://unidir.org/publication/factsheet-gender-and-chemical-weapons; Renata Hessmann Dalaqua, Kjølv Egeland, Torbjørn Graff Hugo, “Still behind the curve. Gender balance in arms control, non-proliferation and disarmament diplomacy”, UNIDIR, 2019, https://unidir.org/publication/still-behind-curve; Carol Cohn with Felicity Hill and Sara Ruddick, “The Relevance of Gender for Eliminating Weapons of Mass Destruction”, The Weapons of Mass Destruction Commission, Paper No. 38, 2005.

    [2] انظر كذلك Renata Hessmann Dalaqua, James Revill, Alastair Hay, Nancy Connell, “Missing Links: Understanding Sex- and Gender-Related Impacts of Chemical and Biological Weapons”, UNIDIR, 2019، ص 9-20.

    [3] UNODAUNODA Gender Policy 2021-2025, 2021، راجع

    https://www.un.org/disarmament/topics/gender-policy/; EU Non-proliferation and disarmament eLearning course, M. Zarka, Learning Unit 16 Gender and disarmament, https://nonproliferation-elearning.eu/.

    [4] “التفاهمات والاتفاقات الإضافية التي توصلت إليها المؤتمرات الاستعراضية السابقة فيما يتعلق بكل مادة من مواد الاتفاقية، “وثيقة المعلومات الأساسية المقدمة من وحدة دعم التنفيذ إلى اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستعراضي التاسع للدول الأطراف في اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة، BWC/CONF.IX/PC/5، 10 يناير 2022.

    [5] انظر على سبيل المثال “تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة كجزء لا يتجزأ من التعزيز المؤسسي لاتفاقية الأسلحة البيولوجية (BWC)، “ورقة عمل مقدمة من بنما إلى اجتماع الدول الأطراف في اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة، BWC/MSP/2020/WP.6‏، 19 نوفمبر 2021.

    [6] مشروع تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن تنفيذ اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدمير هذه الأسلحة لعام 2020، EC-97/2 C-26/CRP.1, 7 يوليو 2021، الفقرة. 5.13.

    [7]انظر على سبيل المثال القرار 76/67 بشأن اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة المعتمد في 6 ديسمبر 2021.

  • المفهوم الخطأ 18: إن المعاهدات المتعلقة بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية تتعرض للانتهاك ومن ثمَّ فهي فاشلة

    المفهوم الخطأ وآثاره
    هناك رأي يقول بأن الادعاءات الأخيرة بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية وانتهاكات اتفاقية الأسلحة البيولوجية تقوض الصكوك وتجعلها تبدو وكأنها غير ذات جدوى. ينبع هذا المفهوم الخطأ من مزاعم عدم الامتثال لاتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية في القرن الحادي والعشرين. حيث كانت هناك ادعاءات متعددة بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في جميع أنحاء العالم منذ عام 2010 على وجه الخصوص، حيث أكدت بعثات تقصي الحقائق الدولية استخدامها في عدة حالات.[1] وبالطبع قد أشارت السيدة إيزومي ناكاميتسو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لشؤون نزع السلاح، في أكتوبر 2022 إلى أن “استخدام الأسلحة الكيميائية أو المواد الكيميائية المحظورة في الجمهورية العربية السورية وماليزيا والعراق والمملكة المتحدة وروسيا الاتحادية قد هددت القواعد المنصوص عليها في اتفاقية الأسلحة الكيميائية”.[2] وقد كان النزاع في الجمهورية العربية السورية على وجه الخصوص والاستخدام المتكرر والمؤكّد للأسلحة الكيميائية بمثابة اختبار لنظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية. علاوة على ذلك، أدت مزاعم انتهاكات اتفاقية الأسلحة البيولوجية إلى تساؤلات حول فعالية المعاهدة. يُظهر المفهوم الخطأ 3 المتعلق بالبحوث عبر الحدود بأن الادعاءات بشأن عدم الامتثال لاتفاقية الأسلحة البيولوجية يمكن أن تقوض المعاهدة.

    يمكن أن يكون لهذا المفهوم الخطأ تداعيات خطيرة على الإطار القانوني الدولي المتعلق بالأسلحة البيولوجية والكيميائية. حيث تتضمن هذه المعاهدات المحظورات الأساسية المتعلقة بمثل هذه الأسلحة، ومن ثمَّ فإن التلميح بأن المعاهدات غير ذات جدوى يمكن أن يشجع الدول على عدم الامتثال لالتزاماتها بموجب المعاهدة، أو حتى الانسحاب من الصكوك. علاوة على ذلك، فإن المفهوم الخطأ يمكن أن يمنع الدول من استخدام سلطاتها لمواجهة أي انتهاكات. إن كلتا الاتفاقيتين تنصان على آليات للرد على الانتهاكات المزعومة، والرأي القائل بأن المعاهدة ذات الصلة غير ذات جدوى يمكن أن يثني الدول عن استخدام هذه الآليات.

    معالجة المفهوم الخطأ
    يقوض هذا المفهوم الخطأ جوهر النظام القانوني الدولي لمنع الأسلحة البيولوجية والكيميائية من خلال التشكيك في فعالية المعاهدات التأسيسية التي تحظر مثل هذه الأسلحة. وعند معالجة هذا المفهوم الخطأ، من الضروري إذًا الاعتراف بالضرر الناجم عن انتهاكات اتفاقية الأسلحة الكيميائية ومزاعم عدم الامتثال لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، وكذلك أيضًا الاحتفاء بالنجاحات الكبيرة للصكين. لقد واجه نظاما اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية عددًا من التحديات المؤسسية عند الاستجابة للانتهاكات المزعومة. فكما لاحظنا آنفًا فيما يتعلق بالمفهوم الخطأ 5، لا تحتوي اتفاقية الأسلحة البيولوجية على آلية للتحقق، كما أن إنفاذ الاتفاقية يمثل تحديًا إضافيًا للدول الأطراف. وفيما يتعلق باتفاقية الأسلحة الكيميائية، تعني آليات المساءلة أنه على الرغم من انتهاكات المعاهدة الموضحة الواردة أعلاه، فقد ثبت أنه من الصعب محاسبة الجناة.

    ومع ذلك، من المهم أن تؤخذ النجاحات الكبيرة لكل من اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية بعين الاعتبار كمكونات رئيسية للهيكل القانوني الدولي لمنع الأسلحة البيولوجية والكيميائية. في الواقع، يمكننا القول بأن اتفاقية الأسلحة الكيميائية تُعد أحد أنجح معاهدات نزع السلاح. اعتبارًا من نوفمبر 2022، تم تدمير أكثر من 99% من مخزون العالم من الأسلحة الكيميائية بموجب عمليات التحقق التي تقوم بها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية؛ وهو إنجاز عظيم قدم فوائد كبيرة للبشرية. يُعد نزع الأسلحة، من حيث القضاء على الأسلحة ومنع التسلح أو إعادة التسلح مستقبلاً بالأسلحة الكيميائية، عنصرًا أساسيًا في اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وذلك على النحو المنصوص عليه في ديباجة الاتفاقية والالتزام بموجب المادة الأولى. إن إضفاء الطابع العالمي على المعاهدة يُعد كذلك دليلاً على أهميتها المستمرة. يبلغ عدد الدول الأطراف في المعاهدة 193 دولة اعتبارًا من 1 ديسمبر 2022، وهي معاهدة تحد من امتلاك أو استخدام نوع معين من الأسلحة على مستوى معظم الدول الأطراف، وقد سبقت في ذلك اتفاقية الأسلحة البيولوجية ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).

    علاوة على ذلك، على الرغم من التحديات المذكورة أعلاه التي يمثلها استخدام الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية، وتحديات التحقق المستمرة فيما يتعلق بالتصديق على الإزالة الكاملة لقدرات الأسلحة الكيميائية السورية، فقد تمكنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من الاستجابة لذلك عبر مجموعة من الآليات المتعلقة بالتحقق من تدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية الموجودة وتقصي الحقائق والتحقيق فيما يتعلق بالاستخدام المزعوم.[3]

    وقد أثنى الكثيرون على عمل المنظمة، وحصلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على جائزة نوبل للسلام في عام 2013 لجهودها المكثفة للقضاء على الأسلحة الكيميائية. وبشكل عام، يمكننا القول “إنه بالنظر إلى التعقيدات الدبلوماسية المتعلقة بنزع الأسلحة متعدد الأطراف، تُعد اتفاقية الأسلحة الكيميائية قصة نجاح بكل المقاييس.”[4]

    وعلى الرغم من التحديات المؤسسية المذكورة أعلاه التي تواجه نظام اتفاقية الأسلحة البيولوجية وكذلك فيما يتعلق بالرد على المفاهيم الخطأ الأخرى، فمن الواضح أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية تظل مع ذلك الأداة الرئيسية لمنع الأسلحة البيولوجية. كما أن الدول تواصل الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية، وبذلك يصل العدد الإجمالي الحالي للأطراف إلى 184. كما أشارت البيانات الواردة من وحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية إلى زيادة المشاركة من خلال مختلف الآليات التي تنص عليها المعاهدة في السنوات الأخيرة، ويشمل ذلك “زيادة كبيرة في عدد الدول الأطراف والمنظمات الإقليمية والدولية والكيانات الأخرى التي تسعى إلى المساعدة في تنفيذ الاتفاقية أو جوانب أخرى منها.”[5] وذلك يدل على أن الدول تقدم تقارير تدابير بناء الثقة على نحوٍ متزايد،[6] حيث وصلت في عام 2021 إلى عدد يفوق أي عام آخر. إن استمرار الافتقار إلى الاستخدام المؤكد للأسلحة البيولوجية والتبادل السلمي للمعدات والمواد والمعلومات العلمية والتكنولوجية المتعلقة بالعوامل البيولوجية والتكسينات يدل على أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية تحقق أهدافها. في نهاية المطاف، تُعد كل من اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية من الأدوات الرئيسية التي تحظر الأسلحة الخطرة، والتي تعد الغالبية العظمى من الدول أطرافًا فيها. وقد أظهرت الآليات الجديدة والمخصصة التي تم إنشاؤها للاستجابة للتحديات التي تواجه المعاهدات أنها أدوات تفاعلية يمكنها التكيف مع التحديات الجديدة. من الضروري أن تواصل الدول الأطراف جهودها لتنفيذ كلتا الاتفاقيتين وتعزيزهما، مع الاعتراف بدورهما المهم في ضمان عدم انتشار هذه الأسلحة، وأي خطوة في الاتجاه المعاكس يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على السلام والاستقرار العالميين.

    [1] على سبيل المثال، انظر تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا بشأن حادثة مزعومة في مدينة سراقب، الجمهورية العربية السورية، في 4 فبراير 2018 تقرير رقم S/1626/2018، بتاريخ 15 مايو 2018، الفقرة 7.4: “تم استخدام الكلور المنطلق من الأسطوانات بواسطة التأثير الميكانيكي، على الأرجح كسلاح كيميائي في 4 فبراير 2018 في حي الطليل بمدينة سراقب”.

    [2] Keynote Statement at ASEAN Defense Ministers’ Meeting – Plus Chemical, Biological and Radiological (CBR) Conference “A Holistic Approach to Addressing CBR Threats” Statement by Ms. Izumi Nakamitsu High Representative for Disarmament Affairs، 11 أكتوبر 2022.

    [3] انظر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “سوريا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية”، https://www.opcw.org/media-centre/featured-topics/syria-and-opcw.

    [4] Jean Pascal Zanders, “The CWC ten years ahead” in “The future of the CWC in the post-destruction phase”, European Union Institute for Security Studies, Report No. 15، مارس 2013، ص 8.

    [5] اجتماع الدول الأطراف في اتفاقية حظر وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة، “التقرير السنوي لوحدة دعم التنفيذ“، ‏(BWC/MSP/2020/4)، ‏27 سبتمبر 2021، ص4 https://undocs.org/en/BWC/msp/2020/4

    [6] وحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية، “البوابة الإلكترونية لتدابير بناء الثقة لاتفاقية الأسلحة البيولوجية”، https://bwc-ecbm.unog.ch/

  • المفهوم الخطأ 19: التوقيع على اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية يجعل الدولة ملزمة بجميع التزامات المعاهدة

    المفهوم الخطأ وآثاره
    غالبًا ما تُشير المقالات الإخبارية على نحوٍ غير صحيح إلى الدول التي “وقعت” على اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية أو إلى “الدول المُوَقّعَة” عندما تريد الإشارة إلى الدول الملزمة قانونًا بهذه الاتفاقيات. في حين يجب أن يُشار إليها مجتمعة من الناحية الفنية باسم “الدول الأطراف” في المعاهدات.

    علاوة على ذلك، فإن دور جهات الإيداع، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ووحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية، لا يتم وصفه عادةً بشكل دقيق. تُعد مصطلحات “التوقيع” و”الموقعة” وكذلك “الدول الأطراف” مصطلحات قانونية مهمة تم تحديدها في قانون المعاهدات الدولي. وهي ذات معانٍ محددة لا تعكسها التقارير الإخبارية بدقة في كثيرٍ من الأحيان. كذلك قد تؤدي الجوانب المؤسسية للاتفاقية والنظام الذي ينشأ عنها إلى التباس ومفاهيم خطأ حول وضع ودور كيانات مثل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو وحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    إن وضع الدول فيما يتعلق بالصكوك الدولية مثل اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية له آثار قانونية؛ والتي تُحدد مدى التزامهم بهذه الصكوك، فضلاً عن حقوقها والتزاماتها، ومن ثمَّ كيف أو متى يكونون في حالة عدم امتثال لها. إن الوصف الخطأ لدولة ما بأنها “موقعة” على اتفاقية ينحرف بالتزامات الدولة بموجب تلك الاتفاقية. وبالمثل، فإن الانحراف بالجوانب المؤسسية لكل اتفاقية قد تنشأ عنه افتراضات وتوقعات خطأ حول وظائف وسلطات كيانات معينة، ويؤدي إلى تحليل غير دقيق لنجاحاتها وإخفاقاتها.

    معالجة المفهوم الخطأ
    بالنسبة إلى المعاهدات المتعددة الأطراف، أي المعاهدات التي يمكن أن ينضم إليها أكثر من طرفين، مثل اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، يكون التوقيع عادةً الخطوة الأولى التي يجب أن تتخذها الدول لكي تصبح ملزمة قانونًا بتلك المعاهدة. وعادةً، بعد التوقيع على أي معاهدة، تسعى الدول للموافقة على الصعيد الوطني من البرلمان أو الجمعية الوطنية أو الكونجرس، لتصبح ملزمة قانونًا بالمعاهدة. وبمجرد منح هذه الموافقة، تودِع الدولة بعد ذلك “صك تصديق” لدى جهة إيداع المعاهدة، وهي الخطوة الأخيرة التي تضمن اعتبار الدولة الآن طرفًا في المعاهدة.

     الدول الموقعة تكون هي الدول التي وقعت على اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية، لكنها لم تُصدق عليها بعد. وهذه الخطوة الإضافية لإيداع صكوك التصديق تكون ضرورية لكي يصبحوا ملزمين قانونًا بالاتفاقيات، وهناك عدد من الأمثلة الهامة للدول الموقعة ولكن ليس الدول الأطراف في المعاهدات الدولية. وبصفتها دولاً موقعة، فإنها مع ذلك ملزمة فعليًا بالامتناع عن الأعمال التي من شأنها أن تقوض هدف وغرض تلك المعاهدة.

    مع الملاحظة بأن الدول التي لم توقع على الاتفاقيات خلال الوقت الذي كانت مفتوحة للتوقيع لا يزال يمكنها أن تصبح طرفًا فيها. يتم ذلك من خلال إجراء مماثل، يُشار إليه عادةً باسم الانضمام، ويتمثل فقط في خطوة إيداع صك الانضمام بعد الموافقة على الصعيد الوطني على مثل هذا الإيداع.

    تودع صكوك التصديق أو الانضمام، وهي وثائق قانونية، أو بعبارة أخرى ترسلها الدولة إلى جهات الإيداع المعينة  للمعاهدة. دور جهة الإيداع هو  إدارة المعاهدة. جهة إيداع اتفاقية الأسلحة الكيميائية هو الأمين العام للأمم المتحدة؛ وجهات إيداع اتفاقية الأسلحة البيولوجية هي حكومات المملكة المتحدة وروسيا الاتحادية والولايات المتحدة. يُطلق على الدول التي أعربت عن موافقتها على الالتزام إما بالتصديق أو الانضمام الدول الأطراف وتكون المعاهدة سارية بالنسبة إليها. يُشير مصطلح “بدء النفاذ” إلى التاريخ الذي تصبح فيه الاتفاقيات ملزمة للدول التي أعربت عن موافقتها على الالتزام بها. وقد يكون تاريخًا محددًا مذكورًا في المعاهدة، أو تاريخًا تم فيه إيداع عدد محدد من التصديقات أو الانضمام لدى جهة الإيداع. بمجرد نفاذ الاتفاقيات بالنسبة إلى دولة معينة، فإنها تُصبح ملزمة لتلك الدولة، وكذلك للدول الأطراف الأخرى، ويجب أن تُنفذ بحسن نية.

    وقد أنشأت اتفاقية الأسلحة الكيميائية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي منظمة مستقلة مهمتها ضمان تنفيذ أحكام الاتفاقية والتحقق منها. جميع الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية هي كذلك دول أعضاء  في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي تتكون من ثلاثة أجهزة: مؤتمر الدول الأطراف، والمجلس التنفيذي، والأمانة الفنية (فيما يتعلق بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، انظر أيضًا المفهوم الخطأ 10). ولا يسري مصطلح الدول الأعضاء إلا إذا كانت هناك منظمة ذات صلة لتكون الدول أعضاء فيها. كما توفر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منتدى للتشاور والتعاون بين الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية. تجتمع الدول الأطراف سنويًا خلال مؤتمر الدول الأطراف (CSP)، وهو الجهاز الرئيسي لصُنع القرار في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وكذلك مرة ​​واحدة كل خمس سنوات في إطار الدورة الاستثنائية لمؤتمر الدول الأطراف التي تُعرف باسم المؤتمر الاستعراضي.

    وعلى عكس اتفاقية الأسلحة الكيميائية، لا تنشئ اتفاقية الأسلحة البيولوجية منظمة دولية. ومع ذلك، فإنها تعقد مؤتمرًا استعراضيًا كل خمس سنوات على غرار اتفاقية الأسلحة الكيميائية. ومنذ عام 2003، عقب قرار اتخذه المؤتمر الاستعراضي الخامس، اجتمعت الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية أيضًا بشكل سنوي من خلال اجتماع الدول الأطراف في الفترات الفاصلة بين المؤتمرات الاستعراضية. وخلال المؤتمر الاستعراضي السادس، أنشأت الدول الأطراف في الاتفاقية “وحدة دعم التنفيذ” (انظر أعلاه) والتي تعمل حاليًا من مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح (UNODA) فرع جنيف. وحدة دعم التنفيذ أصغر بكثير من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حيث تضم ثلاثة موظفين دائمين فقط وميزانية أقل بكثير (انظر التصور الخطأ 20). تم تجديد ولاية وحدة دعم التنفيذ وتوسيع نطاقها على مر السنوات لتشمل الآن تقديم الدعم والمساعدة في القضايا الإدارية والتنفيذ الوطني وتدابير بناء الثقة والأداء العالمي؛ وإدارة قاعدة البيانات لطلبات وعروض المساعدة وتسهيل تبادل المعلومات ذات الصلة؛ كما تدعم جهود الدول الأطراف لتنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمرات الاستعراضية لاتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    للمزيد
    انظر EU Non-proliferation and disarmament eLearning course, Y. Balci and S. Drobysz, Learning Unit 17 Non-proliferation and disarmament law, https://nonproliferation-elearning.eu/
  • المفهوم الخطأ 20: تتحمل الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية/اتفاقية الأسلحة الكيميائية أعباءً لا داعي لها

    المفهوم الخطأ وآثاره
    تتمثل فكرة هذا المفهوم الخطأ في أن هناك عددًا من الأعباء الكبيرة والزائدة التي تواجه الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية. وغالبًا ما يُستشهد بنظام التحقق الصناعي لاتفاقية الأسلحة الكيميائية باعتباره تحديًا للدول الأطراف الجديدة، فضلاً عن صياغة التشريعات التنفيذية، والمخاوف المتعلقة بالأعباء المالية.

    ويعني هذا المفهوم الخطأ أن الدول غير الأطراف يجب ألا تنضم إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية نتيجة للأعباء المحتملة. لذلك، يمكن لهذا المفهوم الخطأ أن يعوق تعميم المعاهدات من خلال خلق انطباع لدى أصحاب المصلحة الرئيسيين على مستوى الدول غير الأطراف بأن الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية سيشكل صعوبة بلا داعٍ. غالبًا ما تواجه الدول عددًا من الأولويات المختلفة على الصعيدين الوطني والدولي، لذلك قد لا تُشكل الصكوك الدولية المتعلقة بالأسلحة البيولوجية والكيميائية أولوية سياسية. ومن ثمَّ، فإن الاعتقاد بأن انضمام دول أطراف جديدة إلى أي من المعاهدتين سيكون مرهقًا بشكل خاص لتك الدول، ومن شأنه أن يقوض الجهود الوطنية للانضمام.

    معالجة المفهوم الخطأ
    أولاً، من المهم الاعتراف بصحة أن هناك عددًا من الالتزامات المفروضة على الدول الأطراف في الاتفاقيات، لا سيما الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية. على سبيل المثال، بموجب نظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية، يجب على الدول الأطراف تعيين أو إنشاء سلطة وطنية لتضمن بحد أدنى التواصل الفعال مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والدول الأخرى الأطراف. كما يتعين على الدول الأطراف إصدار إعلانات على النحو المحدد في اتفاقية الأسلحة الكيميائية. ويجب على الدول تقديم إعلان أولي بشأن أي أنشطة تنطوي على مواد كيميائية مجدولة،[1] وكذلك حيازة أي مخزونات من الأسلحة الكيميائية أو منشآت لإنتاج الأسلحة الكيميائية. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليهم تقديم إعلانات سنوية بشأن بعض الأنشطة السابقة والمتوقعة المتعلقة بالمواد الكيميائية المجدولة[2] وتسهيل التفتيش الدولي بواسطة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقق من هذه الإعلانات. ويتعين كذلك على الدول الأطراف وبموجب المادة الأولى تدمير أي أسلحة كيميائية ومنشآت إنتاج للأسلحة الكيميائية والبنية التحتية الأخرى ذات الصلة التي تمتلكها أو تحوزها.

    على الرغم من عدم وجود آلية تحقق رسمية، فلا تزال الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية بحاجة إلى اتخاذ عدد من التدابير على المستوى الوطني. وإلى جانب اتخاذ التدابير على المستوى الوطني لتنفيذ المعاهدة من خلال التشريعات وغيرها من التدابير المماثلة، يجب على الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية تعيين جهة اتصال وطنية، تكون مسؤولة عن تنسيق التنفيذ الوطني لاتفاقية الأسلحة البيولوجية والتواصل مع الدول الأطراف الأخرى والمنظمات الدولية ذات الصلة. كذلك يجب عليهم تقديم معلومات سنويًا عن تدابير بناء الثقة إلى وحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية على النحو الموضح تفصيلاً في المفهوم الخطأ 5، وهو ما سيتطلب منهم جمع المعلومات على المستوى الوطني. وبموجب المادة الثانية، ستحتاج الدول الأطراف كذلك إلى تدمير أو تحويل جميع العوامل والتكسينات والأسلحة والمعدات ووسائل الإيصال المنصوص عليها في المادة الأولى للأغراض السلمية.

    كما أن هناك عددًا من التكاليف المالية التي تتحملها الدول الأطراف بموجب الاتفاقيتين على المستوى الدولي. ومع ذلك، فيما يتعلق باتفاقية الأسلحة البيولوجية، بلغ إجمالي الاشتراكات المقررة على الدول في عام 2021 أقل من مليوني دولار.[3] وعلاوة على ذلك، تُقدر الاشتراكات على أساس جدول الأمم المتحدة للأنصبة المقررة بالتناسب مع مراعاة الفروق في العضوية بين الاتفاقية والأمم المتحدة. صرحت وحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية في أوائل عام 2022، “استنادًا إلى جدول الأنصبة المقررة لعام 2021، أن ما يقرب من ثلثي (64 في المائة) الدول الأطراف الحالية البالغ عددها 183 دولة تدفع أقل من 1,000 دولار أمريكي سنويًا فيما يتعلق بالاتفاقية”.[4]ويوجد إجراء مماثل فيما يتعلق باتفاقية الأسلحة الكيميائية، حيث تمتلك منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ميزانية سنوية أكبر بكثير تبلغ حوالي 68 مليون يورو ويرجع ذلك إلى عدد الأنشطة التي تقوم بها.[5] ومع ذلك، فإن جدول الأنصبة المقررة يعني أن بعض الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية تدفع أقل من 1000 يورو سنويًا.[6]

    فوائد الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية وتنفيذهما

    • تُبدي الدول بوضوح التزامها بعالم خالٍ من الأسلحة البيولوجية والكيميائية؛
    • يمكن للدول التحقيق في الجرائم المتعلقة بإساءة استخدام العوامل البيولوجية والتكسينات والمواد الكيميائية السامة وسلائفها والمواد ذات الصلة، ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم؛
    • يمكن للدول أن ترصد وتراقب أي أنشطة تتعلق بالعوامل البيولوجية والتكسينات والمواد الكيميائية السامة وسلائفها والمعدات والتكنولوجيا ذات الصلة؛
    • يمكن للدولة الاستعداد والاستجابة على نحوٍ أفضل للحوادث البيولوجية والكيميائية؛
    • ستعزز الدول أمنها القومي وصحتها العامة وسلامتها؛
    • التطور الاقتصادي والتكنولوجي نتيجة لتبادل واستخدام المواد الكيميائية السامة وسلائفها والعوامل البيولوجية والتكسينات والمعدات والتكنولوجيا ذات الصلة؛
    • تقديم رسالة للمستثمرين المحتملين تفيد بأن الدولة تُعد مكانًا آمنًا ومسؤولاً فيما يتعلق بالأنشطة التي تنطوي على العوامل البيولوجية والتكسينات والمواد الكيميائية السامة وسلائفها والمعدات والتكنولوجيا ذات الصلة.

    لذلك، فكما أوضحنا في هذا المنشور، يقدم الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية عدة فوائد واضحة للدول تفوق بكثير التكاليف أو الأعباء المحتملة لتنفيذ المعاهدات على الصعيد العملي.

    وللتخفيف من بعض التحديات عند تنفيذ المعاهدتين، يمكن للدول الأطراف التماس الدعم من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية والدول الأطراف الأخرى. على سبيل المثال، وضعت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عددًا من برامج بناء القدرات لتسهيل التنفيذ الوطني لاتفاقية الأسلحة الكيميائية بموجب المادة السابعة، وتقديم المساعدة والحماية من الأسلحة الكيميائية وفقًا للمادة العاشرة من الاتفاقية، وتعزيز التعاون الدولي في مجال الأنشطة الكيميائية السلمية وفقًا للمادة الحادية عشرة.[7] كما تتولى وحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية “تسهيل الأنشطة الرامية إلى تعزيز المشاركة في عملية تدابير بناء الثقة”[8] للدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية، والتي يمكن أن تساعد الدول الأطراف الجديدة على تقديم تدابير بناء الثقة الأولى الخاصة بها. كذلك يمكن للجهات الفاعلة في المجتمع المدني أيضًا أن تلعب دورًا مفيدًا في دعم بعض هذه العمليات نتيجة لخبراتهم الفنية.

    كما يتضح من المفهوم الخطأ 13، ينبغي للدول أن تنضم إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية بصرف النظر عن تاريخ تعاملها مع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وذلك لضمان حصولها على الفوائد السلمية لتبادل واستخدام المواد الكيميائية السامة والعوامل البيولوجية والتكسينات والمواد ذات الصلة. فقد أوشكت كلتا المعاهدتين على تحقيق العالمية على نحوٍ متزايد، حيث تستمر الدول الجديدة في إدراك أن فوائد الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية وتنفيذها تفوق الأعباء.

    [1] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “متطلبات الإعلان عن المواد الكيميائية المجدولة”، راجع https://www.opcw.org/resources/declarations/declaration-requirements-scheduled-chemicals.

    [2] المرجع نفسه.

    [3]المؤتمر الاستعراضي التاسع للدول الأطراف في اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة، “الحالة المالية العامة للاتفاقية والتبعات المالية للمقترحات المتعلقة بإجراءات المتابعة بعد المؤتمر الاستعراضي التاسع”، BWC/CONF.IX/PC/4،‏ 14 فبراير 2022.

    [4] المرجع نفسه

    [5] الدورة السادسة والعشرون لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية، “القرار: برنامج وميزانية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية 2022-2023″، C-26/DEC.11، ‏1 ديسمبر 2021.

    [6] الدورة السادسة والعشرون لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية، “القرار: جدول الأنصبة المقررة لعام 2022 “، C-26/DEC. 8، 30 نوفمبر 2021.

    [7] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “بناء القدرات”، راجع https://www.opcw.org/resources/capacity-building.

    [8] مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، “وحدة دعم التنفيذ”، راجع https://www.un.org/disarmament/biological-weapons/implementation-support-unit.

  • المفهوم الخطأ 21: تتعلق اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية بالدول فقط

    المفهوم الخطأ وآثاره
    يتمثل هذا المفهوم الخطأ في أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية هما معاهدات دولية تتعلق بالدول فقط، وليس بالجهات الفاعلة غير الدول مثل الصناعة أو الجماعات من غير الدول أو الأفراد. وعلى وجه التحديد، غالبًا ما تغفل الجهات الفاعلة الصناعية عن أهمية المعاهدتين والهياكل الدولية القائمة عليهما. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي عدم مشاركة مجموعات الصناعة في اتفاقية الأسلحة الكيميائية إلى عدم تمكن هذه الجهات الفاعلة من المشاركة في تقديم أفكار لتحديث التزامات المعاهدة بهدف تحسين عمليات الإعلان والتحقق دون الإعاقة التي لا داعي لها لأنشطتها على الصعيدين الوطني والدولي.

    كذلك قد يقوض هذا المفهوم الخطأ التزام الجهات الفاعلة غير الدول مع المعاهدات. قد تكون هناك التزامات على الجهات الفاعلة بموجب الاتفاقية وهي ليست على علم بها. وهذا يمكن أن يؤدي إلى انتهاكات غير مقصودة لتدابير تنفيذ المعاهدات.

    معالجة المفهوم الخطأ
    لكي تسري اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية على الجهات الفاعلة غير الدول، فإنها يجب أن تُنفذ من خلال التشريعات الوطنية وغيرها من التدابير. بمجرد أن تصدق الدولة على اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية أو تنضم إليها، وتصبح ملزمة بتنفيذ متطلباتها، يجب عليها اتخاذ تدابير لتنفيذ المعاهدات على المستوى الوطني. وكما ذكرنا في موضعٍ آخر، فإن المادة الرابعة من اتفاقية الأسلحة البيولوجية تلزم كل دولة طرف، وفقًا لإجراءاتها الدستورية، باتخاذ كل التدابير الضرورية لحظر ومنع استخدام الأسلحة البيولوجية أو استحداثها أو إنتاجها أو تخزينها أو اقتنائها أو حفظها ضمن إقليمها أو في أي مكان آخر خاضع لولايتها أو لرقابتها أينما كان. وبالمثل، تُلزم المادة السابعة جميع الدول الأطراف باعتماد التدابير اللازمة للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، لا سيما التشريع الجنائي المناسب. ويتعين عليهم بعدها إبلاغ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالإجراءات المتخذة.

    وبذلك يمكن للدول أن تضمن أن الالتزامات ملزمة للجهات الفاعلة من غير الدول من خلال اعتماد التدابير التشريعية والتنظيمية وغيرها من التدابير لتنفيذ الاتفاقيات. لتنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية في إطار تشريعي وطني، يجب على الدول أن تتخذ عددًا من التدابير من بينها التدابير الجنائية لتجريم الأفعال غير القانونية، والتدابير الرقابية على الأنشطة التي تنطوي على المواد ذات الصلة، فضلاً عن تدابير السلامة والأمن، وتدابير إنفاذ القانون لتسهيل الرصد والمقاضاة والعقاب. يمكن العثور على قاعدة بيانات تحتوي على التدابير القانونية للدول الأطراف بشأن اتفاقية الأسلحة البيولوجية على موقع VERTIC الإلكتروني[1]، وكذلك يقدم الموجز التشريعي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أمثلةً على التشريعات التي سنتها الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية.[2]

    نبذة عن تنفيذ التشريع الوطني لاتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية

    اتفاقية الأسلحة البيولوجية المادة الرابعة:

    “تلتزم كل دولة طرف، وفقًا لعملياتها الدستورية، باتخاذ كل التدابير الضرورية لحظر ومنع ” الأسلحة البيولوجية.

    الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، المادة الرابعة، 11:

    “يهيب المؤتمر بالدول الأطراف أن تعتمد، وفقًا لعمليتها الدستورية، تدابير تشريعية وإدارية وقضائية أخرى، ومنها تشريعات جنائية…”

    تدابير التنفيذ الوطنية للمادة السابعة من اتفاقية الأسلحة الكيميائية:

    “1. “تلتزم كل دولة طرف، وفقًا لعملياتها الدستورية، باعتماد كل التدابير الضرورية لتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية. على وجه الخصوص، يجب أن:

    أ) تحظر على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في أي مكان ضمن إقليمها أو في أي مكان آخر خاضع لولايتها وفقًا لما يقره القانون الدولي من ممارسة أي نشاط محظور على دولة طرف بموجب هذه الاتفاقية، وكذلك سن تشريعات جنائية فيما يتعلق بهذا النشاط؛ […]”

    ج) تمديد تشريعاتها العقابية التي نصت عليها الفقرة الفرعية (أ) فيما يتعلق بأي نشاط محظور على دولة طرف بموجب هذه الاتفاقية يُمارسه أشخاص طبيعيون، يحملون جنسيتها في أي مكان، وذلك بما يتوافق مع القانون الدولي.”

    يفرض نظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية على النحو المطبق في القانون الوطني عددًا من الالتزامات على الجهات الفاعلة في مجال الصناعة الكيميائية الوطنية. حيث تتعهد الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية وفقًا للمادة السادسة باعتماد التدابير اللازمة لضمان أن استحداث المواد الكيميائية السامة وسلائفها أو إنتاجها أو حيازتها أو الاحتفاظ بها أو نقلها أو استخدامها داخل أراضيها أو في أي مكان آخر يخضع لولايتها أو لرقابتها يتم لأغراض غير محظورة بموجب هذه الاتفاقية. كجزء من هذا الالتزام، تلتزم الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية بجمع المعلومات وتقديم إعلانات بشأن بعض المواد الكيميائية السامة، بما يتوافق مع المرفق المتعلق بالتحقق. وبناءً على المعلومات التي قدمتها الدول الأطراف، يقوم مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بمزيد من التفتيش على المنشآت المُنتجة لهذه المواد الكيميائية أو معالجتها أو استهلاكها للتحقق من الإعلانات. لذلك، يجب على الجهات الفاعلة غير الدول المشاركة في أنشطة تنطوي على مواد كيميائية سامة معينة، أن تكون على دراية باتفاقية الأسلحة الكيميائية والتزاماتها بموجب قانون التنفيذ الوطني. ونظرًا إلى أن هذا القانون التشريعي يسعى إلى تنفيذ اتفاقية الأسلحة الكيميائية، فإن الجهات الفاعلة غير الدول المشاركة في أنشطة تنطوي على مواد كيميائية سامة معينة ستستفيد من فهم اتفاقية الأسلحة الكيميائية باعتبارها معاهدة دولية، كما يجب أن تتابع التطورات على الساحة الدولية.

    هناك مثال آخر مهم يوضح ضرورة تفاعل الجهات الفاعلة غير الدول مع أنظمة اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية ألا وهو التسوية الأخيرة لوزارة التجارة الأمريكية ومكتب الصناعة والأمن (BIS) مع جامعة برينستون بشأن 37 من مزاعم انتهاكات لوائح إدارة التصدير (EAR).[3] تساعد لوائح إدارة التصدير في تنظيم الصادرات في الولايات المتحدة وتساهم في وضع ضوابط النقل تنفيذًا لاتفاقية الأسلحة البيولوجية على المستوى الوطني.  شاركت جامعة برينستون في أنشطة سلمية؛ ومع ذلك، فقد قامت بتصدير سلالات محصّلات تّهجين من مسببات الأمراض الحيوانية إلى مؤسسات بحثية في 15 دولة دون الحصول على تراخيص التصدير المطلوبة من مكتب الصناعة والأمن لأنها لم تدرك أن مثل هذه الأنشطة تحتاج إلى ترخيص مسبق. ترد العناصر المُصدرة في قائمة مراقبة التجارة الأمريكية التي تصنف المواد الخاضعة لسلطة تراخيص التصدير لمكتب الصناعة والأمن، وذلك لمخاوف انتشارها لأغراض الأسلحة البيولوجية. وبعد الكشف عن الانتهاكات، تم تغريم الجامعة وإجبارها على خضوع ممارساتها الداخلية للتدقيق. توضح هذه الحالة ضرورة أن تكون الجهات الفاعلة غير الدول مثل المؤسسات البحثية على دراية بالتشريعات الوطنية المنفِّذة لاتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، حتى عند المشاركة في أنشطة تنطوي على عوامل بيولوجية وتكسينات للأغراض السلمية.

    يمكن للجهات الفاعلة غير الدول التعامل مع اتفاقية الأسلحة الكيميائية واتفاقية الأسلحة البيولوجية بأشكالٍ متنوعة. على سبيل المثال، تَعقد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بانتظام حوارات مع أصحاب المصلحة في الصناعات الكيميائية لمناقشة التنفيذ الوطني للاتفاقية ورفع مستوى الوعي.[4] كذلك يمكن للجهات الفاعلة غير الدول مثل مجموعات المجتمع المدني أن تَحضُر أحيانًا اجتماعات المعاهدة المتعلقة باتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، مثل المؤتمرات الاستعراضية، والإدلاء ببيانات بشأن قضايا معينة. إن المشاركة على المستوى الوطني على سبيل المثال من خلال التعاون مع السلطة الوطنية قد تضمن دراية الجهات الفاعلة من غير الدول بالتزاماتها. لذلك فإن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية هما صكان دوليان مهمان لجميع الدول والجهات الفاعلة من غير الدول، كما أن مشاركة الجهات الفاعلة من غير الدول في المعاهدات يُعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم استخدام المواد الكيميائية السامة والعوامل البيولوجية والتكسينات كأسلحة.

    [1]VERTIC، “قاعدة بيانات تشريعات اتفاقية الأسلحة البيولوجية”، راجع https://www.vertic.org/programmes/nim/biological-weapons-and-materials/bwc-legislation-database/.

    [2] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “الموجز التشريعي”، راجع https://www.opcw.org/resources/national-implementation/legislation-compendium.

    [3] Thomas Brown, “Princeton University fined over exports of pathogens without a licence”, Trust and Verify 168, `VERTIC, صيف 2021، ص 10.

    [4] أخبار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “ممثلو الصناعة الكيميائية والسلطة الوطنية يناقشون تجارب التنفيذ الوطني”، 15 أكتوبر 2021، راجع: https://www.opcw.org/media-centre/news/2021/10/chemical-industry-and-national-authority-representatives-discuss.

  • المفهوم الخطأ 22: تُصمّم اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية وأنظمة مراقبة الصادرات ذات الصلة وتُستخدم لمنع نقل التكنولوجيا وتعزيز النظام الاحتكاري مع بعض الدول

    المفهوم الخطأ وآثاره
    تعد ضوابط نقل المواد والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها لتطوير الأسلحة البيولوجية والكيميائية جزءًا بالغ الأهمية في هيكل عدم الانتشار الدولي. تثبت حالات انتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية أهمية ضوابط حركة هذه المواد والتكنولوجيا. على سبيل المثال، في ديسمبر 2005، أدانت محكمة هولندية رجل أعمال بتهمة التواطؤ في جرائم حرب بسبب بيعه المواد الكيميائية للحكومة العراقية في فترة الثمانينيات. حيث وجدت المحكمة أن غاز الخردل الذي استُخدم في جرائم الحرب تم تصنيعه من المواد الكيميائية التي وفرها رجل الأعمال، والتي كان مصدرها الولايات المتحدة واليابان وشُحنت من خلال عدد من البلدان الأخرى للتحايل على قوانين مراقبة الصادرات. في أغلب الأحيان، تكون سلاسل إمداد الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية عالمية بطبيعتها، وذلك وفقًا للحاجة للوصول إلى مواد وتقنيات متخصصة. لذلك، يمكن أن تتسبب ضوابط هذه العناصر في عرقلة جهود الجهات الفاعلة المشبوهة للتعامل مع الاتجار غير المشروع والأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

    على الرغم من أن المناقشات بخصوص ضوابط النقل تكون في المحافل متعددة الأطراف ذات الصلة والمرتبطة باتفاقية الأسلحة الكيميائية واتفاقية الأسلحة البيولوجية، إلا أنها كثيرًا ما تتسبب في حدوث توترات بين الدول التي تنتج المواد المعنية وتصدرها والدول التي تستلمها.[1] يوجد فهم خطأ واسع الانتشار بين بعض أصحاب المصلحة أن ضوابط العوامل البيولوجية والتُكسينات والمواد الكيميائية السامة وسلائفها والتكنولوجيا ذات الصلة هي تمييزية بطبيعتها وتُستخدم في بعض الدول، وعادةً ما تكون دولاً تتميز بالصناعات البيولوجية و/أو الكيميائية، للحد من الوصول إلى هذه المواد. علاوة على ذلك، فإن أنظمة مراقبة الصادرات التي وافقت عليها الدول من خارج أطر عمل اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، مثل مجموعة أستراليا، “قد تعرّضت للانتقاد منذ إنشائها بسبب افتقارها للشفافية والعضوية الحصرية والأثر التمييزي المزعوم على غير الأعضاء”.[2]

    يقوّض هذا المفهوم الخطأ ضوابط التصدير متعددة الأطراف المفروضة على المواد والتكنولوجيا ذات الصلة ويمكنه إضعاف مشاركة أصحاب المصلحة الرئيسيين في الأنظمة ذات الصلة. كما أنه يعرقل التنفيذ على المستوى الوطني للالتزامات الدولية فيما يتعلق بتطوير ضوابط النقل الوطنية المفروضة على المواد والتكنولوجيا ذات الصلة، حيث إن بعض أصحاب المصلحة الوطنيين هم الأقل احتمالية لاعتماد الضوابط المطلوبة. يمثل ذلك فجوة مثيرة للقلق في الضوابط المفروضة على المواد والمعدات ذات الصلة، والتي يمكن استخدامها بواسطة جهات فاعلة مشبوهة للمشاركة في الإتجار غير القانوني بالمواد البيولوجية والكيميائية ونشر الأسلحة البيولوجية والكيميائية

    معالجة المفهوم الخطأ
    إن ضوابط النقل منصوص عليها في كلٍ من اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية ويجب تنفيذها بواسطة الدول الأطراف بكلتا الاتفاقيتين. على سبيل المثال، تلزم المادة 3 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية جميع الدول الأطراف بعدم نقل الأسلحة البيولوجية إلى أي شخص والامتناع عن مساعدة أي شخص أو تشجيعه أو حثه على تصنيعها أو الحصول عليها. وبالمثل، يحظر القيام بأي عمليات نقل للأسلحة الكيميائية ومساعدة أي شخص على مخالفة الاتفاقية أو تشجيعه أو حثه على ذلك وفقًا للمادة 1 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية. تتطلب المادة 6 من الدول الأطراف اعتماد التدابير اللازمة لضمان عدم نقل تلك المواد الكيميائية السامة وسلائفها إلا لأغراض سلمية وأنه تم تنفيذ ضوابط النقل المنصوص عليها في الجداول. كما يكلف قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1540 (UNSCR 1540) الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بسن ضوابط وطنية فعالة للتصدير وإعادة الشحن لمنع الجهات الفاعلة غير الحكومية من نشر الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.

    ومع ذلك، بالإضافة إلى النص على ضوابط النقل ذات الصلة، فإن كلاً من اتفاقية السلاح البيولوجية واتفاقية السلاح الكيميائية تتضمنان أحكامًا لموازنة تلك الضوابط مع حقوق الدول الأطراف لتبادل المواد والتكنولوجيا المعنية لأغراض سلمية. على سبيل المثال، يجب أن تتوازن المادة 3 باتفاقية الأسلحة البيولوجية مع المادة 10 من الاتفاقية التي تنص على حقوق الدول الأطراف للمشاركة في تبادل المعدات والمواد والمعلومات العلمية والكيميائية لاستخدام العوامل البكتيريولوجية (البيولوجية) والتكسينات لأغراض سلمية. وبالمثل، تتطلب المادة 6 باتفاقية الأسلحة الكيميائية أيضًا اتخاذ التدابير اللازمة بطريقة تمنع عرقلة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية للدول الأطراف والتعاون الدولي في النشاطات الكيميائية. كما تنص المادة 11 أيضًا من اتفاقية الأسلحة الكيميائية على حق الدول الأطراف وتوضحها. ونظرًا لكونها معاهدات متعددة الأطراف، “تمكّنت هذه الصكوك من تلبية مصالح البلدان النامية، ولا سيما من خلال ضمان حقوقها الراسخة في استخدام المواد والتكنولوجيا بطرق سلمية.”[3] كما يمكن القول أيضًا إن التوسّع في عضوية أنظمة مراقبة الصادرات الأخرى، مثل “مجموعة أستراليا” واعتماد قوائم مراقبة النقل الخاصة بها على المستوى الوطني من خلال عدد من البلدان جعل “الهيئة غير الرسمية تقلل من التركيز على الجدل الدولي.”[4]

    يمكن أن توفر ضوابط النقل فوائد واضحة للدول التي تنفذها. في الواقع، “إن إنشاء بيئة تنظيمية مستقرة يمكنه زيادة احتمالية جذب استثمارات داخلية في مجال التكنولوجيا الفائقة.”[5] في الدول التي ليست لديها أنظمة مراقبة تجارية استراتيجية، تضغط المجموعات التجارية والاستثمارية على الحكومات لسنّ تلك الضوابط من أجل تحقيق الجذب الاستثماري.[6] يمكن لضوابط النقل أن تحد من المخاطر وتبني الثقة، وإنشاء بيئة تجارية مواتية وتعزيز الاستثمار الاقتصادي في الدول التي يُنظر إليها على أنها مالكة للمواد ذات الصلة.[7]

    بشكل عام، يعد منع نقل بعض المواد والتكنولوجيا ذات الصلة غير الشرعية أو غير الخاضعة للرقابة من أجل الأنشطة التي تنطوي على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، أمرًا بالغ الأهمية. وسيسمح التنفيذ الشامل لاتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1540؛ للدول بالوفاء التزاماتهم الدولية. في الوقت نفسه، تتمكن الدول من المشاركة في تبادل المعدات والمواد والمعلومات العلمية والتكنولوجية لاستخدام العوامل الكيميائية والبيولوجية السامة لأغراض سلمية، مع ضمان عدم نشر الأسلحة البيولوجية والكيميائية.

    [1] جينيفر ماكبي وسروزي كاتاكام، “رسالة المؤتمر الاستعراضي لاتفاقية الأسلحة البيولوجية: وهو مؤتمر بالغ الأهمية يسعى إلى تعزيز اتفاقية الأسلحة البيولوجية”، رابطة الحد من الأسلحة، يناير/فبراير 2023، تم الوصول إليها في https://www.armscontrol.org/act/2023-01/arms-control-today/bwc-review-conference-dispatch-cliffhanger-conference-seeks#bio

    [2] كولجا بروكمان، “التحديات التي تواجه ضوابط التصدير متعددة الأطراف: حالة الحوار والتنسيق بين الأنظمة”، معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، ديسمبر 2019.

    [3] آندي راشميانتو، “نهج إندونيسيا تجاه الضوابط التجارية الاستراتيجية: وجهة نظر بلد نامية وأرخيبيلية” في الاستعراض التجاري الاستراتيجي، الإصدار رقم 2، ربيع 2016، صفحة 139.

    [4]جين باسكال زانديرز، “المادة 10 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية (CWC) ومستقبل الاتفاقية” في عمليات نقل التكنولوجيا وعدم نشرها: بين السيطرة والتعاون، حرّرها أوليفر ميير، روتليدج، 2013، صفحة 177.

    [5] “التوعية بالمراقبة التجارية الاستراتيجية والامتثال للصناعة: الأدوات والموارد.” Saferworld (سيفرورلد)، مركز الأبحاث السياسية بجامعة ألباني، ومعهد أمن التجارة والاستثمار بالأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي، مايو 2019، صفحة 10.

    [6] محمد شاهابار عبد الكريم، تنفيذ الضوابط التجارية الاستراتيجية وإنفاذها في ماليزيا” في الاستعراض التجاري الاستراتيجي، الإصدار رقم 2، ربيع 2016، صفحة 107.

    7 “قرار رقم 1540 ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية: خيارات السياسة لتعزيز ضوابط عدم النشر وتأمين التجارة”، مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح ومعهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية، تم الوصول إليه على https://front.un-arm.org/wp-content/uploads/2023/07/unoda-saiia-pb-res-unscr1540-afcfta.pdf، صفحة 26.

  • المفهوم الخطأ 23: بعض الدول يُسمح لها باستخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية ضمن اتفاقية الأسلحة الكيميائية واتفاقية الأسلحة البيولوجية

    المفهوم الخطأ وأثره
    في أثناء ورش العمل التي تديرها VERTIC لرفع الوعي لدى أصحاب المصلحة الوطنيين بخصوص اتفاقيات الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، اقترح عدد من المشاركين أنه بموجب تلك الاتفاقيات، سُمح لبعض الدول بامتلاك أسلحة كيميائية وبيولوجية.

    قد ينتج هذا الفهم الخطأ عن الخلط بين نظام عدم النشر النووي وصكّه الأساسي، وهي معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) التي تفرّق بين الدول المالكة للأسلحة النووية والدول غير المالكة لها. ووفقًا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فإن التزامات عدم النشر بالدول المالكة للأسلحة النووية[1] تختلف عن تلك الدول غير المالكة للأسلحة النووية والتي تتخلى عن تلك الأسلحة عندما تصبح من الدول الأطراف بهذه المعاهدة. ويختلف ذلك عن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، والتي تحمل بموجبها جميع الدول الأطراف الالتزامات الأساسية نفسها بعدم الانتشار.

    يمكن أن ينشأ المفهوم الخطأ أن بعض الدول لديها حرية امتلاك أسلحة بيولوجية وكيميائية من صياغة اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية ونطاقهما. على سبيل المثال، يشير تعريف الأسلحة البيولوجية في المادة 1 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية إلى “العوامل الجرثومية أو غيرها من العوامل البيولوجية، أو التكسينات أيًا كان منشؤها أو أسلوب إنتاجها، من الأنواع وبالكميات التي لا تكون موجهة لأغراض الوقاية أو الحماية أو الأغراض السلمية الأخرى.” وبالمثل، تشير المادة 2.9 من الاتفاقية إلى “الأغراض غير المحظورة” وبعض تلك الأغراض المرتبطة بالأغراض الوقائية، والعسكرية وإنفاذ القانون.  وقد يستنتج القراء غير المطّلعين أن بعض الدول، أو حتى جميعها، يُسمح لها في بعض الحالات بامتلاك أسلحة بيولوجية وكيميائية. وهذا من شأنه أن يقوّض بشكل كبير موضوع وغرض المعاهدات لحظر تلك الأسلحة بشكل تام وفعال.

    معالجة المفهوم الخطأ
    تنطبق حالات الحظر المتعلقة بالأسلحة البيولوجية في المادة 1 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية وتلك المتعلقة بالأسلحة الكيميائية في المادة 1.1(أ) من اتفاقية الأسلحة الكيميائية على كل طرف بالاتفاقيات. لا تفرّق اتفاقية الأسلحة البيولوجية أو اتفاقية الأسلحة الكيميائية بين الدول الأطراف: حيث تنطبق حالات حظر الأسلحة البيولوجية والكيميائية على الجميع وهي مطلقة.

    الأغراض غير المحظورة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية معروفة ولا تشكّل استثناءات لحظر الأسلحة الكيميائية. فهي تتضمن الأغراض السلمية، مثل الأغراض الصناعية والزراعية والبحثية والطبية والدوائية، وغيرها من الأغراض الأخرى. تتضمن الأخيرة أغراضًا وقائية، وهي:أغراض تتعلق مباشرةً بالحماية من المواد الكيميائية السامة والحماية من الأسلحة الكيميائية، مثل تطوير معدات الحماية الشخصية. كما هو مذكور في التعليق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية، “يجب أن يُسمح للدول الأطراف بالاستمرار في الأنشطة المتعلقة بالدفاع عن الحرب الكيميائية لتوفير الضمان المطلوب ضد اختراقات النظام أو إمكانية عدم انضمام دول محددة ممن لديهم القدرة على الحرب الكيميائية إلى الاتفاقية.[2] لذلك، يمكن مثلاً إنتاج المواد الكيميائية المدرجة في الجدول 1 أو حيازتها أو الاحتفاظ بها أو نقلها أو استخدامها لأغراض وقائية. ومع ذلك، ينبغي أن يتم ذلك بأنواع وكميات المواد الكيميائية التي تقتصر فقط وبشكل صارم على تلك التي يمكن تطويعها لهذه الأغراض، وتخضع للضوابط المحددة في مرفق التحقق. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المادة 10، الفقرة 4 من الاتفاقية أن تقدم كل دولة من الدول الأطراف للأمين الفني سنويًا معلومات عن برنامجهم تتعلق بالأغراض الوقائية، لأغراض زيادة شفافية هذه البرامج.

    بالإضافة إلى ذلك، لا تحظر الأغراض العسكرية التي لا ترتبط باستخدام الأسلحة الكيميائية ولا تعتمد على استخدام الخصائص السامة للمواد الكيميائية كوسيلة للحرب. وهذا على سبيل المثال “يستبعد المواد الكيميائية التفجيرية، ووقود الصواريخ، والمواد الحارقة، والدخان وما يشبهها من نطاق الاتفاقية حتى إن بعضها تعد موادًا كيميائية سامة.”[3]

    تشير الفئة الأخيرة من الأغراض غير المحظورة إلى إنفاذ القانون، بما في ذلك أغراض مكافحة الشغب الداخلي. ومع ذلك، تتعهد كل دولة من الدول الأطراف بعدم استخدام عوامل مكافحة الشغب كوسيلة للحرب. كما هو موضح في المفهوم الخطأ رقم 8، “لا تعد عوامل مكافحة الشغب، على الرغم من أنها مواد كيميائية سامة، أسلحة كيميائية في حال عدم استخدامها كوسائل للحرب أو لأغراض محظورة بموجب الاتفاقية”، طالما أنها بأنواع وكميات تتفق مع ذلك الغرض. تخضع عوامل مكافحة الشغب لأحكام المادة 3.1.هـ من الاتفاقية، والتي بموجبها ينبغي لكل دولة من الدول الأطراف إرسال، في فترة لا تتجاوز 30 يومًا بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ بالنسبة لهذه الدولة، إعلانًا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يتعلق بعوامل مكافحة الشغب التي تحدد الاسم الكيميائي والصيغة الهيكلية ورقم التسجيل في خدمة المستخلصات الكيميائية (CAS)، في حال تعيينها، لكل مادة كيميائية تتضمنها لأغراض مكافحة الشغب. يجب تحديث هذا الإعلان في فترة لا تتجاوز 30 يومًا بعد سريان أي تغيير.

    بخلاف اتفاقية الأسلحة الكيميائية، لا تحدد اتفاقية الأسلحة البيولوجية الأغراض غير المحظورة بموجب هذا النظام ولا تدرجها، على الرغم من أن المادة 1 تحدد الأسلحة البيولوجية على أساس الغرض.. قد ينشأ عن ذلك خلطًا فيما يتعلق بما هو محظور وما هو غير محظور بشكل دقيق، فيما يتعلق بأبحاث الدفاع البيولوجي والتطوير مثلاً (انظر المفهوم الخطأ 3 أيضًا). على الرغم من أن الاتفاقية تحظر بوضوح تطوير الأسلحة البيولوجية، إلا أنه يمكن إدارة البرامج المرتبطة بالأنشطة الدفاعية. “من أجل زيادة شفافية برامج البحث والتطوير الوطنية في مجال الدفاع البيولوجي”، اتفقت الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية خلال المؤتمر الاستعراضي الثالث على أنها ستعلن جميعًا، كجزء من تقديم تدابير بناء الثقة، ما إذا كانت ستنفذ هذه البرامج أم لا؛ فإذا كان الأمر كذلك، فسوف يقدمون معلومات تفصيلية.[4] من المهم أيضًا وضع تدابير وطنية ملائمة لمراقبة هذه الأبحاث من خلال إجراء تقييمات لمخاطر الاستخدام المزدوج مثلاً و غيرها من التدابير لمنع سوء الاستخدام.[5]

     اتفقت الدول التي امتلكت الأسلحة البيولوجية و/أو الكيميائية على التخلّي عنها من خلال الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، ومن خلال خضوعهم لأحكام الاتفاقيات فيما يتعلق بتدمير المخزون الحالي والضوابط المفروضة على العوامل البيولوجية والمواد الكيميائية.

    أحكام بخصوص تدمير الأسلحة البيولوجية والكيميائية

    المادة 2 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية. تتعهد كل دولة من الدول الأطراف بهذه الاتفاقية بتدمير جميع العوامل والتكسينات والأسلحة والمعدات ووسائل التقديم المحددة في المادة 1 من الاتفاقية، والتي تقع في حيازتها أو ضمن ولايتها أو سيطرتها؛ أو تحويلها إلى أغراض سلمية، وذلك في أقرب وقت ممكن على ألا تتجاوز فترة تسعة أشهر بعد دخول الاتفاقية في حيز التنفيذ. ينبغي مراعاة جميع احتياطات السلامة اللازمة عند تنفيذ أحكام هذه المادة لحماية السكان والبيئة.

    المادة 1.2 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية. تتعهد كل دولة من الدول الأطراف بتدمير الأسلحة الكيميائية التي تمتلكها أو في حيازتها، أو تلك الموجودة في أي مكان يقع في نطاق ولايتها أو سيطرتها وفقًا لأحكام هذه الاتفاقية. 3. تتعهد كل دولة من الدول الأطراف بتدمير جميع الأسلحة الكيميائية التي تركتها على أراضي الدولة الطرف الأخرى، وذلك وفقًا لأحكام هذه الاتفاقية. 4. تتعهد كل دولة من الدول الأطراف بتدمير أي من منشآت إنتاج الأسلحة الكيميائية التي تمتلكها أو في حيازتها، أو تلك الموجودة في أي مكان يقع في نطاق ولايتها أو سيطرتها وفقًا لأحكام هذه الاتفاقية.

    يخضع تدمير الأسلحة الكيميائية لإجراء التحقق، والذي يتم تفصيله في مرفق الاتفاقية. في يوم 7 يوليو 2023، أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أنه تم التحقق من تدمير مخزون جميع الأسلحة الكيميائية المعلن عنها بشكل نهائي.[6]

    لا يوجد نظام للتحقق وفقًا لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، لكن بعض الدول الأطراف أصدرت إعلانات بموجب المادة 2 من الاتفاقية. على سبيل المثال، أعلنت الولايات المتحدة أن جميع “مخزون العوامل أو التكسينات أو الأسلحة أو المعدات أو وسائل التقديم المحظورة بموجب المادة 1 قد تم تدميرها قبل الموعد النهائي المحدد في المادة 2. في يناير 1976، أكد جميع رؤساء الإدارات والوكالات الفيدرالية للرئيس أنه اعتبارًا من الموعد النهائي (26 ديسمبر 1975)، كانت إداراتهم ووكالاتهم في حالة امتثال كامل للاتفاقية.”[7] بالإضافة إلى ذلك، يغطي النموذج “و” الخاص بتقديم تدابير بناء الثقة، الإعلان عن الأنشطة السابقة في برامج البحث والتطوير الهجومية و/أو الدفاعية، والتي ينبغي أن تتضمن ملخصًا لأنشطة البحث والتطوير يشير إلى ما إذا كان قد تم تنفيذ العمل فيما يتعلق بالإنتاج، والاختبار والتقييم، والتسليح، وتخزين العوامل البيولوجية، وبرنامج تدمير هذه العوامل والأسلحة، وغيرها من البحوث ذات الصلة. فعلى سبيل المثال، أشارت المملكة المتحدة إلى أنه “يوجد لديها برنامج متواضع لتوفير القدرة على الانتقام بالمثل في حالة تعرض قوات المملكة المتحدة لهجوم بالأسلحة البيولوجية، والذي بدأ في عام 1940 وتوقف في أواخر الخمسينيات”.[8]

    من خلال أن تصبح أطرافًا باتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، وجميع تلك الدول التي تتخلّى عن الأسلحة البيولوجية والكيميائية وتلتزم بتدمير تلك الأسلحة التي يمكن تطويرها قبل الانضمام.

    [1] انظر المادة 9(3) من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية “… من أجل تحقيق أغراض هذه المعاهدة، تعد الدولة المالكة للسلاح النووي هي الدولة التي صنعت وفجّرت سلاحًا نوويًا أو غيره من الأجهزة التفجيرية النووية قبل تاريخ 1 يناير 1967.”

    [2] “التعليق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، صفحة 93.

    [3] “التعليق على اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، صفحة 93.

    [4] انظر نموذج (أ) من تدابير بناء الثقة، الجزء 2، متوفر على https://disarmament.unoda.org/biological-weapons/confidence-building-measures. للاطلاع على نموذج متاح للجمهور، انظر سويسرا، ويمكن الوصول إليها من هنا: https://bwc-ecbm.unog.ch/state/switzerland.

    [5]فيليبا لنتزوس، “كيف نراقب الأبحاث البيولوجية الخطيرة؟”، نشرة علماء الذرة، 12 أبريل 2018، يمكن الوصول إليه على https://thebulletin.org/2018/04/how-do-we-control-dangerous-biological-research/.

    [6] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “تؤكد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على: تدمير مخزون جميع الأسلحة الكيميائية المعلن عنها بشكل نهائي”، 7 يوليو 2023، تم الوصول إليها على https://www.opcw.org/media-centre/news/2023/07/opcw-confirms-all-declared-chemical-weapons-stockpiles-verified

    وثيقة معلومات أساسية بشأن امتثال الدول الأطراف لجميع التزاماتها بموجب اتفاقية حظر تطوير الأسلحة البكتيريوبيولجية (البيولوجية) والتكسينية وإنتاجها وتخزينها وبشأن تدمير تلك الأسلحة، ملحق، مقدم إلى الوثيقة الاستعراضية الثانية. BWC/CONF.II/3/Add.4، 8 سبتمبر، مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية، 1986، صفحة 3.[7] انظر أيضًا مؤخرًا، امتثال الدول الأطراف لجميع التزاماتها بموجب وثيقة المعلومات الأساسية بالاتفاقية المقدمة من وحدة دعم التنفيذ، BWC/CONF.IX/4، 14 ديسمبر 2022، الصفحات من 88 إلى 89.

    [8] انظر تقرير تدابير بناء الثقة الخاص بالمملكة المتحدة لعام 2023 متاحًا على https://bwc-ecbm.unog.ch/united-kingdom-great-britain-and-northern-ireland/bwccbm2023unitedkingdom.

  • المفهوم الخطأ 24: يمكن استخدام العوامل البيولوجية والتكسينات ونقلها بحرية دون قيود من أجل الأبحاث

    المفهوم الخطأ وآثاره
    في بعض الأحيان، ربما يشعر العلماء والأكاديميون المشاركون في العوامل البيولوجية والتكسينات أنهم غير مرتبطين بنظام اتفاقية الأسلحة البيولوجية، عندما يصبحون على دراية بها. وهناك رأي يفيد بأن محتوى أبحاثهم لأغراض سلمية ونشرها لا يخضع للضوابط، وذلك بموجب مبدأ الحرية الأكاديمية. في الواقع، تظهر مشاركات VERTIC مع أعضاء مجتمع علوم الحياة أنه في بعض الأحيان لا يكون هناك وعي بطبيعة الاستخدام المزدوج لعملهم والقيود القانونية ذات الصلة المفروضة على الاستخدام ونقل العوامل البيولوجية والتكسينات.

    في 13 ديسمبر 2022، عقدت VERTIC حدثًا فرعيًا للمؤتمر الاستعراضي التاسع لاتفاقية الأسلحة البيولوجية بخصوص المفاهيم الخطأ عن الاتفاقية، بحضور متحدثين من حكومة المملكة المتحدة ومؤسسة البحوث الاستراتيجية ومعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح. خلال هذا الحدث، كان أحد المواضيع البارزة هو أن العلماء غالبًا ما يكونون غير واعين لجانب الاستخدام المزدوج للأبحاث العلمية. وقد لوحظ أن التعامل مع هذه القضية يعرقله: نقص الوعي أو عدم الرغبة في التفكير في القضايا الأمنية؛ أو القلق بشأن الأعباء التنظيمية الجديدة؛ أو الفهم الخطأ بأن القضية تتعلق بمختبرات الدولة فقط.

    ويمكن أن يكون لهذا الفهم الخطأ عددًا من الآثار السلبية. يمكن أن يُنظر للباحثين على أنهم رابط ضعيف في هيكل عدم الانتشار ومعرَضون للجهات الفاعلة الضارة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يقود الفهم الخطأ الباحثين، دون قصد، إلى اختراق الالتزامات القانونية وفقًا للضوابط الوطنية المتعلقة بالعوامل والتكسينات البيولوجية، مثل تدابير ترخيص ضوابط النقل.

    معالجة المفهوم الخطأ
    تشير فكرة “الاستخدام المزدوج للأبحاث المثيرة للقلق” إلى الأبحاث التي يمكنها تقديم فائدة واضحة، لكن يمكن تطبيقها بشكل خطأ بسهولة للإيذاء.[1] لذلك، كثيرًا ما يخضع البحث العلمي للأغراض السلمية للضوابط على المستوى الوطني لتقييم مخاطر الاستخدام المزدوج وضمان عدم الاستخدام لأغراض أخرى.

    تعد اتفاقية الأسلحة البيولوجية، بصفتها الصك القانوني الدولي الأساسي الذي يحظر الأسلحة البيولوجية، مرتبطة بشكل كبير بالاستخدام المزدوج للأبحاث البيولوجية المثيرة للقلق. وكما هو مذكور في المفهوم الخطأ 3، فإن الأنشطة التي تنطوي على عوامل بيولوجية وتكسينات لأغراض الوقاية أو الحماية أو للأغراض السلمية الأخرى لا تعد انتهاكًا لاتفاقية الأسلحة البيولوجية وتهدف الاتفاقية إلى تسهيل هذه الأنشطة. تشكّل ضوابط السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي جزءًا من تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية[2] ويمكن أن تتضمن مثلاً التدابير التي يمكن تبنيها وأنشطة التأمين التي تنطوي على العوامل البيولوجية والتكسينات، وتقييمات المخاطر، وإجراءات الترخيص واللوائح التنظيمية للهندسة الوراثية. ومع ذلك، لا تزال هناك فجوات كبيرة في التشريعات الوطنية للعديد من الدول فيما يتعلق بهذه الضوابط، ما يمثل خطرًا كبيرًا. يمكن أيضًا أن يكون لحركة الاستخدام المزدوج للأبحاث المثيرة للقلق آثار على ضوابط النقل، حيث إن مشاركة المواد أو الأبحاث عبر الحدود يمكن أن يشكّل تصديرًا خاضعًا للرقابة ويمكن أن يقع ضمن تشريع مراقبة الصادرات الذي ينفذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    من الآثار القانونية الشهيرة لحركة الاستخدام المزدوج للأبحاث المثيرة للقلق المتعلقة بحالة الأستاذ الجامعي رون فوشير، وهو عالم هولندي يتعلق بحثه في عام 2012 بجعل فيروس H5N1 (إنفلونزا الطيور) قابلاً للانتقال بين الثدييات عبر الرذاذ الهوائي.[3] أراد الأستاذ الجامعي فوشييه نشر البحث في مجلة (Science) التي يراجعها النظراء ومقرها الولايات المتحدة، لكن الحكومة الهولندية اعتبرت هذا تصديرًا للاستخدام المزدوج وطلبت منه التقدم للحصول على ترخيص تصدير. وكانت هذه هي “الحالة الأولى في أي مكان في أوروبا، حيث يلزم فيه الحصول على تصريح تصدير قبل تقديم المخطوطة للمجلة الدولية (Science) لنشرها.”[4]  تقدّم الأستاذ الجامعي فوشييه بتقديم طلب للحصول على ترخيص لمراقبة التصدير، مع احتجاجه الشديد على هذا الطلب، والذي تم منحه بموجب تشريع مراقبة التصدير بما يتماشى مع اللوائح التنظيمية للاستخدام المزدوج في الاتحاد الأوروبي.[5]

    وقد طعن الأستاذ الجامعي فوشييه، بعد ذلك، في ضرورة التقدم بطلب للحصول على ترخيص تصدير في المحاكم الهولندية.[6] وقررت المحكمة الجزئية في هارلم في سبتمبر 2013 أن هذا الشرط له ما يبرره بموجب القانون ذي الصلة. في الاستئناف في عام 2015، قررت محكمة الاستئناف في أمستردام رفض الاستئناف ولكن أيضًا أُلغي القرار الصادر في عام 2013 على أساس أن الأستاذ الجامعي فوشييه قد حصل بالفعل على ترخيص وبالتالي لم يتعرض لضرر كان من الضروري علاجه.[7] بشكل عام، توضح حالة فوشييه مخاطر الانتشار المرتبطة بالأبحاث. ومع ذلك، يمكن اعتبار الأبحاث للأغراض السلمية بمثابة استخدام مزدوج للأبحاث المثيرة للقلق، وذلك نظرًا لاحتمال إساءة تطبيقها لإلحاق الضرر. ونظرًا لصعوبة التأكد من النية، تخضع بعض العوامل البيولوجية والتكسينات والمعدات والتكنولوجيا ذات الصلة في العديد من الأنظمة القانونية لضوابط مثل الترخيص المسبق، للسماح للدول بتقييم المخاطر قبل نقل المواد واتخاذ القرارات على أساس الجهات الفاعلة المعنية.

    حدثت حالة مماثلة أيضًا في الولايات المتحدة فيما يتعلق بحركة المواد ذات الاستخدام المزدوج. انظر المزيد من المفهوم الخطأ 23 وتفاصيل التسوية بين وزارة التجارة الأمريكية ومكتب الصناعة والأمن (BIS) مع جامعة برينستون بشأن 37 انتهاكًا مزعومًا للوائح إدارة التصدير. مرة أخرى، في هذه الحالة، من الواضح أن العناصر المعنية (السلالات ومحصلات التهجين من مسببات الأمراض الحيوانية) تم نقلها للأغراض السلمية، ولكن إمكانية استخدامها المزدوج تعني أنها كانت خاضعة للترخيص المسبق من مكتب الصناعة والأمن.

    لذلك، من الواضح أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية والتشريعات التنفيذية مرتبطة بالباحثين العاملين في مجال العوامل البيولوجية مزدوجة الاستخدام والتكسينات والمواد ذات الصلة. ومع ذلك، كما ذكر أعلاه، فإن العديد من الجهات الفاعلة في هذا المجتمع تتمتع بمعرفة محدودة باتفاقية الأسلحة البيولوجية والأطر ذات الصلة على الرغم من أهميتها في مجال العمل هذا. وبالتالي، يعد تعزيز التعاون مع الممارسين أمرًا بالغ الأهمية لتنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    ذكرت المؤتمرات الاستعراضية أهمية التعامل مع العلماء فيما يتعلق باتفاقية الأسلحة البيولوجية كجزء من التنفيذ الوطني للاتفاقية بموجب المادة 4. سلّط المؤتمر الاستعراضي الثامن للاتفاقية الضوء على قيمة تدابير التنفيذ الوطنية من أجل:

    “(ب) التشجيع على النظر في وضع الترتيبات الملائمة لتعزيز الوعي بين المهنيين المعنيين في القطاعين العام والخاص و

    عبر الأنشطة العلمية والإدارية ذات الصلة؛ و

    (ج) تعزيز الوعي بين العاملين في مجال العلوم البيولوجية بالتزامات الدول الأطراف بموجب الاتفاقية، فضلاً عن التشريعات الوطنية والمبادئ التوجيهية ذات الصلة؛

    (د) تعزيز تطوير برامج التدريب والتعليم لأولئك الذين يُمنحون إمكانية الوصول إلى العوامل البيولوجية والتكسينات ذات الصلة بالاتفاقية ولأولئك الذين لديهم المعرفة أو القدرة على تعديل هذه العوامل والتكسينات؛

    (هـ) التشجيع على تعزيز ثقافة المسؤولية بين الاحترافيين الوطنيين ذوي الصلة والتطوير التطوعي واعتماد مدونات قواعد السلوك وإصدارها؛[8]

    ومن المرجح من ألا تكون الأسلحة البيولوجية في أذهان معظم العلماء عندما يقومون بإجراء أبحاث حول العوامل البيولوجية والتكسينات الخطرة. ومع ذلك، فإن هذه الأبحاث والمواد المستخدمة في التجارب ذات الصلة غالبًا ما تكون ذات استخدام مزدوج بطبيعتها، وبالتالي يجب مراقبتها لأغراض منع انتشار الأسلحة البيولوجية. إن التنفيذ الشامل لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، ولا سيما من خلال إنشاء ضوابط النقل وتدابير السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي، هو أمر بالغ الأهمية لإدارة هذه المخاطر. ويجب أن يحرص الباحثون على ألا يساهم عملهم في انتشار الأسلحة البيولوجية. ويجب على الدول أيضًا الحرص على أن تكون أطر المراقبة متوازنة بشكل كافٍ لتسهيل التقدم العلمي مع ضمان عدم انتشار الأسلحة البيولوجية. ستكون آليات تعزيز الوعي بين العلماء مهمة في هذا الصدد، لضمان معرفة الباحثين بإمكانية الاستخدام المزدوج لعملهم والالتزامات القانونية التي يتحملونها.[9]

    [1] منظمة الصحة العالمية، “ما الاستخدام المزدوج للأبحاث المثيرة للقلق؟” 13 ديسمبر 2020، تم الوصول إليه على https://www.who.int/news-room/questions-and-answers/item/what-is-dual-use-research-of-concern.

    [2] انظر الموقع الإلكتروني لـ VERTIC، “تدابير التنفيذ الوطني”، تم الوصول إليه على https://www.vertic.org/programmes/nim/biological-weapons-and-materials/export-control/

    [3] انظر ميجان براون، “إنفلونزا الطيور تسلط الضوء على الاستخدام المزدوج للأبحاث المثيرة للقلق”، الثقة والتحقق رقم 137، VERTIC، من أبريل إلى يونيو 2012 وياسمين بالسي، “وضع التشريعات على المحك: دراسة حالة فيروس H5N1″، الثقة والتحقق رقم 132، VERTIC، من يوليو إلى سبتمبر 2012..

    [4] كريستيان إنيمارك. “أبحاث فيروس الإنفلونزا واللوائح التنظيمية للتصدير في الاتحاد الأوروبي: مخاطر النشر والانتشار والجائحة”، المراجعة القانونية الطبية، مايو 2017؛ 25(2):293-313.

    [5] لائحة المجلس (المفوضية الأوروبية) رقم 428/2009 بتاريخ 5 مايو 2009، بشأن إنشاء النظام المجتمعي لمراقبة الصادرات والنقل والسمسرة والعبور للمواد ذات الاستخدام المزدوج (التعديل)

    [6] انظر كريستوس شاراتسيس، “تحديد نشر «الاستخدام المزدوج للأبحاث» ضمن عملية ترخيص التصدير: حالة فيروس H5N1″، الاستعراض التجاري الاستراتيجي, المجلد 1، الإصدار 1، صفحة 56.

    [7] انظر كريستيان إنيمارك. “أبحاث فيروس الإنفلونزا واللوائح التنظيمية للتصدير في الاتحاد الأوروبي: مخاطر النشر والانتشار والجائحة”، المراجعة القانونية الطبية، مايو 2017؛ 25(2):293-313.

    [8] المؤتمر الاستعراضي الثامن للدول الأطراف في اتفاقية حظر تطوير الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وإنتاجها وتخزينها وتدمير تلك الأسلحة، الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن، المادة 4.

    [9] انظر على سبيل المثال، تاتيانا نوفوسيولوفا، وسيمون ويتبي، ومالكولم داندو، وليجون شانغ،: تعزيز الأمن البيولوجي بعد كوفيد-19: استخدام الرسوم المتحركة لإشراك أصحاب المصلحة في علوم الحياة مع اتفاقية الأسلحة البيولوجية والتكسينية (BTWC)”. مجلة Biosafety and Biosecurity، المجلد 4، الإصدار 1، يونيو 2022، 68-74.

  • المفهوم الخطأ 25: اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تحظر الأنشطة الإرهابية التي تتم باستخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية

    المفهوم الخطأ وآثاره:
    لقد جددت التطورات الأخيرة، مثل استخدام تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش)[1] للأسلحة الكيميائية، الاهتمام العالمي بالتهديد الذي تشكله الأسلحة البيولوجية والكيميائية التي يطورها الإرهابيون أو يستخدمونها. قد ينبع المفهوم الخطأ بأن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تحظران الأنشطة التي يقوم بها الإرهابيون باستخدام الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية من واقع أنه في حين أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية تحظران الأنشطة باستخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في أي ظرف من الظروف، إلا أنهما لا تحتويان على إشارات أو أحكام محددة تتناول الإرهاب على وجه التحديد. وقد ينبع ذلك أيضًا من مفهوم خطأ يفيد بأن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية تنطبقان فقط على الدول، ولا تشملان الجهات الفاعلة غير الحكومية (انظر المفهوم الخطأ 21 الذي يعالج هذا المفهوم الخطأ).

    يمكن أن يؤدي هذا المفهوم الخطأ إلى الاعتقاد بأن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية تحتويان على فجوات تتعلق بالإرهاب البيولوجي والكيميائي، أو أنهما ليستا المحفلين الملائمين لمعالجة المخاوف أو الحوادث ذات الصلة. يمكن أيضًا أن يؤدي إلى حدوث خلط بين الدول الأطراف بشأن التزاماتها الوطنية بالتنفيذ بموجب هذه المعاهدات، ولا سيما الالتزام بسن تشريعات جنائية وطنية فعالة تشمل الأعمال المتعلقة بالأنشطة الإرهابية باستخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

    إن المفهوم الخطأ بأن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تحظران الأنشطة التي تنطوي على هذه الأسلحة من قِبل الإرهابيين؛ يمكن أن يقوّض الثقة في هذه الأنظمة الدولية والمشاركة فيها.

    معالجة المفهوم الخطأ:
    تحظر المادة الأولى من اتفاقية الأسلحة البيولوجية على الدول الأطراف، تحت أي ظرف من الظروف، تطوير أي أسلحة بيولوجية أو إنتاجها أو تخزينها أو حيازتها أو الاحتفاظ بها، بما في ذلك المعدات ووسائل توفيرها ذات الصلة. تتضمن اتفاقية الأسلحة الكيميائية حكمًا مماثلاً في المادة الأولى، يحظر على الدول الأطراف استخدام الأسلحة الكيميائية أو تطويرها أو إنتاجها أو حيازتها أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو نقلها تحت أي ظرف من الظروف. علاوة على ذلك، تتعهد الدول الأطراف، بموجب المادة 3 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية، بعدم نقل الأسلحة البيولوجية إلى أي جهة استلام على الإطلاق” وتحظر المادة 1 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية نقل الأسلحة الكيميائية إلى “أي شخص”.

    كما تتطلب أيضًا اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية من الدول الأطراف اعتماد تشريعات على المستوى الوطني من أجل تنفيذ المعاهدات وفقًا لقوانينها الوطنية. تتطلب المادة 4 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية أن تتخذ الدول الأطراف “أي تدابير ضرورية لحظر ومنع” الأنشطة المحظورة بموجب المادة 1، “داخل أراضي تلك الدولة، أو الخاضعة لولايتها، أو الخاضعة لرقابتها في أي مكان”. وبالمثل، تتطلب المادة 7 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية أن تعتمد الدول الأطراف التدابير اللازمة “لمنع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في أي مكان على أراضيها أو في أي مكان آخر يخضع لولايتها […] من القيام بأي نشاط محظور على دولة من الدول الأطراف بموجب هذه الاتفاقية، بما في ذلك سن التشريعات الجنائية فيما يتعلق بهذا النشاط”. كما حددت أيضًا المؤتمرات الاستعراضية اللاحقة لاتفاقية الأسلحة البيولوجية الحاجة إلى تشريعات جنائية ملائمة لتنفيذ الاتفاقية بالكامل[2]. لذلك، فإن الجهات الفاعلة الإرهابية هي بعض الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المقصود إخضاعهم للحظر والعقوبات المنصوص عليها في التشريعات الوطنية التي تنفذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية.

    تعمل هذه الأحكام، مجتمعة، والتي تتضمن حظرًا على مجموعة من الأنشطة المتعلقة بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية والالتزامات باعتماد تشريعات وطنية تجرّم هذه الأنشطة، على تمكين اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية من حظر الأنشطة المتعلقة بهذه الأسلحة بشكل فعال في أي سياق، بما في ذلك الإرهاب. من المهم للغاية أن تقوم الدول الأطراف بسن التشريعات الملائمة التي تنفذ جميع التزاماتها بموجب الاتفاقيات بشكل فعال وشامل، من أجل مراقبة الوصول إلى هذه المواد والقدرة على منع الأنشطة المحظورة والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها.

    توضح إحدى القضايا المتعلقة بحيازة سلاح بيولوجي في ألمانيا الطريقة التي تمكنت بها السلطات الألمانية، من خلال تنفيذ أحكام اتفاقية الأسلحة البيولوجية، من التحقيق مع زوجين يعيشان في كولونيا وتوجيه الاتهام إليهما بارتكاب عدد من الجرائم المتعلقة بمؤامرة لإطلاق مادة الريسين السامة كجزء من هجوم إرهابي. وفي أثناء محاكمة الرجل، وجدت المحكمة أنه حاول السفر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش وتلقى تعليمات حول كيفية الحصول على مادة الريسين من بذور الخروع من مؤسسة إعلامية قريبة من الجماعة. وفي النهاية، وجدت المحكمة أن الرجل مذنب بالتحضير لارتكاب جريمة عنف خطيرة على الدولة بموجب المادة 89أ، الفقرة 2أ من القانون الجنائي وبتصنيع سلاح بيولوجي عمدًا بموجب المادة 20، الفقرة 1 من قانون الأسلحة الحربية، وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات. تلقت الشرطة الألمانية البلاغ الأولي من بلد آخر، ما يدل على أهمية التعاون القانوني الدولي للتصدي للجرائم العابرة للحدود الوطنية.

    للحصول على مزيد من التفاصيل، انظر موجز VERTIC بخصوص “الإنفاذ القضائي للتشريعات المتعلقة بتنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية” بقلم توماس براون.[3]

    أنشأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مجموعة عمل مفتوحة العضوية معنية بالإرهاب (OEWG-T) لمعالجة التحديات المتعلقة بالإرهاب الكيميائي على وجه التحديد. أقرت مجموعة العمل مفتوحة العضوية المعنية بالإرهاب في تقاريرها بأن “تجريم الأنشطة المحظورة بموجب الاتفاقية، مثل تخزين الأسلحة الكيميائية وتطويرها وحيازتها، هو عنصر أساسي في منع استخدام الأسلحة الكيميائية من قِبل جهة فاعلة غير حكومية، وعليه، “نظرًا للطبيعة العابرة للحدود الوطنية للتهديد الإرهابي، يجب أن تكون التشريعات الجنائية المتعلقة بهذه الأنشطة قائمة وفعالة في جميع الدول الأطراف”. تفكر مجموعة العمل مفتوحة العضوية المعنية بالإرهاب أيضًا في كيفية تعزيز الأمن الكيميائي في أنشطة مثل البحث والتصنيع والتخلص من النفايات الكيميائية لمنع الإرهاب الكيميائي[4]..

    تكتمل اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية أيضًا بصكوك قانونية دولية أخرى لمعالجة تهديد الإرهاب الكيميائي والبيولوجي. ومن أهم هذه القرارات قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1540، الذي اعتمده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب الفصل 7 من ميثاق الأمم المتحدة بتاريخ 28 أبريل 2004. تعد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ملزمة قانونًا لجميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة. وفقًا لما ذكرته VERTIC، فإن القرار رقم 1540 “هو رد على التهديد الذي يتعرض له السلام والأمن الدوليان الناجم عن انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، فضلاً عن وسائل توفيرها، لجهات فاعلة غير حكومية”[5]. يهدف القرار إلى معالجة هذا التهديد من خلال مطالبة الدول بتبني قوانين وطنية وإنفاذها لحظر عدد من الأنشطة، فضلاً عن محاولات المشاركة في هذه الأنشطة، والعمل كشريك فيها، والمساعدة عليها أو تمويلها. يُشترط على الدول أيضًا تنفيذ إطار عمل تنظيمي لتغطية المواد والمعدات والتكنولوجيا ذات الصلة. يتمم القرار رقم 1540 اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى معاهدات دولية أخرى لنزع السلاح، وينص على أن أحكامه لا تهدف إلى التعارض مع حقوق والتزامات الدول الأطراف في هذه المعاهدات أو تغييرها.

    تتضمن الصكوك القانونية الدولية الأخرى ذات الصلة الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل لعام 1997. ركزت المعاهدة أيضًا على منع الأعمال الإرهابية ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم، وتشمل العوامل البيولوجية والتكسينات والمواد الكيميائية السامة في تعريفها “للجهاز التفجيري أو أي جهاز مميت آخر”. توجد معاهدات إضافية تتعلق بالطيران المدني والملاحة البحرية، مثل اتفاقية 2010 الخاصة بقمع الأعمال غير المشروعة المتعلقة بالطيران المدني الدولي واتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة البحرية (بصيغتها المعدلة ببروتوكول 2005 بالاتفاقية)، وتتضمن أيضًا أحكامًا تتعلق بالإرهاب الكيميائي والبيولوجي. وقد تجد الدول أنه من المفيد تنفيذ الالتزامات ذات الصلة بموجب هذه الصكوك القانونية الإضافية عند تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، وعلاوة على ذلك، فإنها من خلال القيام بذلك تكون قادرة على حظر الأنشطة المتعلقة بالإرهاب الكيميائي والبيولوجي بأكبر قدر من الفعالية.

    [1] “يوضح فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة النتائج بخصوص استخدام الأسلحة الكيميائية من قِبل تنظيم الدولة الإسلامية”، أخبار الأمم المتحدة، 8 يونيو 2023، تم الوصول إليها على https://news.un.org/en/story/2023/06/1137492.

    [2] الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي الثامن اللاحق لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، BWC/CONF.VIII/4، صفحة 12. 2017.

    [3] توماس براون، “التنفيذ القضائي لتشريع تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية”، VERTIC، موجز رقم 34، فبراير 2022.

    [4] انظر، على سبيل المثال، تقرير سيادة السفير فوسيموزي فيليمون مادونسيلا، رئيس مجموعة العمل مفتوحة العضوية المعنية بالإرهاب المقدّم للمجلس التنفيذي في جلسته رقم 103، EC-103/WP.3، بتاريخ 11 يوليو 2023.

    [5] VERTIC، “تدابير التنفيذ الوطنية لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1540 (2004)”

    ورقة الحقائق رقم 6، تمت المراجعة في فبراير 2018، ويتم الوصول إليها على https://www.vertic.org/media/assets/nim_docs/NIM%20Tools%20(Factsheets)/FS6_UNSCR_EN_FEB_2018.pdf

  • المفهوم الخطأ 26: أنجزت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ولايتها الآن بعد أن تم تدمير جميع مخزونات الأسلحة الكيميائية المعلنة من قِبل الدول الأطراف

    المفهوم الخطأ وآثاره
    في 7 يوليو 2023، أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “أنه تم التحقق من تدمير آخر سلاح كيميائي من المخزونات التي أعلنتها جميع الدول الأطراف لاتفاقية الأسلحة الكيميائية (CWC)”.[1] وكان هذا بمثابة معلم بالغ الأهمية لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، ما يضمن تحقيق أحد الأهداف الأساسية للمعاهدة.

    ومع ذلك، مع تباطؤ عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن تدمير المخزونات المعلنة في السنوات الأخيرة، بدأ عدد من الجهات الفاعلة في التشكيك في استمرار أهمية المنظمة في مرحلة ما بعد التدمير. هناك تصوّر بين بعض أصحاب المصلحة بأن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “أدت واجبها”، وأنها أصبحت أقل أهمية الآن بعد أن تم تدمير جميع الأسلحة الكيميائية المعلن عنها. وينبع هذا المفهوم الخطأ من سوء فهم لولاية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو أهدافها ودورها في تنفيذ الاتفاقية.

    ويمكن أن يكون للمفهوم الخطأ عدد من الآثار السلبية. على سبيل المثال، يمكن أن يحد من التعامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ويقلل من أهمية اتفاقية الأسلحة الكيميائية فيما يتعلق بأولويات الدولة. علاوة على ذلك، تقل احتمالية تزويد الدول منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالأموال التي تحتاجها إذا رأت أن المنظمة أصبحت أقل أهمية.

    معالجة المفهوم الخطأ
    يمكن القول إنه نظرًا لتدمير جميع المخزونات المعلنة من الأسلحة الكيميائية، فإن اتفاقية الأسلحة الكيميائية “تنتقل من كونها صكًا لنزع السلاح إلى صك يتمثل هدفه الرئيسي في منع عودة ظهور الأسلحة الكيميائية”[2] وسيتحول محور عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفقًا لذلك. ومع ذلك، من المهم ذكر أنه، كما هو موضح في المادة 8(أ)(1) من المفهوم الخطأ 10 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، أنشأت الدول الأطراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتحقيق موضوع الاتفاقية والغرض منها، لضمان تنفيذ أحكامها، ومنها الأحكام المتعلقة بالتحقق الدولي من الامتثال لها، وتوفير محفل للتشاور والتعاون فيما بين الدول الأطراف. وعلى هذا، يتضح أن دور منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يتخطى تسهيل تدمير المخزون المعلن عنه والتحقق.

    ستستمر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لعب دور حيوي في مساعدة الدول الأطراف لتنفيذ التزاماتهم الوطنية بموجب المادة 7 من اتفاقية الأسلحة الكيميائية. بموجب هذا الحكم، ينبغي على الدول الأطراف اعتماد التدابير اللازمة للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، لا سيما التشريع الجنائي المناسب. وينبغي عليهم إبلاغ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهذه التدابير. وتتطلب المادة 6 كذلك من الدول الأطراف اعتماد التدابير اللازمة لضمان عدم تطوير المواد الكيميائية السامة وسلائفها أو إنتاجها أو حيازتها أو الاحتفاظ بها أو نقلها أو استخدامها إلا للأغراض السلمية داخل أراضيها أو في أي مكان يخضع لولايتها أو رقابتها. وبناءً على ذلك، ينبغي على الدول الأطراف تنظيم الأنشطة المتعلقة بالمواد الكيميائية المدرجة في الجداول 1 و2 و3 بمرفق المواد الكيميائية بالاتفاقية والإشراف عليها.[3] ومع ذلك، تظهر أحدث البيانات الصادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة فيما يتعلق بتنفيذ التشريعات الوطنية للدول الأطراف. في الواقع، توجد 71 دولة من الدول الأطراف لم تعتمد بعد الحد الأدنى من التدابير التشريعية لتنفيذ الاتفاقية، وهو ما يمثل فجوة كبيرة في نظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية. سيساعد سد هذه الفجوة في ضمان فرض الضوابط اللازمة على الأنشطة التي تنطوي على مواد كيميائية سامة على المستوى الوطني، وذلك لمنع عودة ظهور الأسلحة الكيميائية واستخدامها.

    من المهم أيضًا ملاحظة أن تلك الفجوات تبقى فيما يتعلق بعولمة اتفاقية الأسلحة الكيميائية. حتى وقت كتابة هذا التقرير، لم تنضم أربع دول إلى الاتفاقية. ونتيجة لذلك، لا يجري تنظيم الأنشطة التي تنطوي على المواد الكيميائية في هذه الدول من خلال نظام اتفاقية الأسلحة الكيميائية. لذلك، ستحتاج منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وغيرها من أصحاب المصلحة إلى مواصلة الجهود لدعم عولمة اتفاقية الأسلحة الكيميائية. وربما تكون ولاية نزع السلاح المنوطة بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ذات أهمية عندما تنضم هذه الدول إلى الاتفاقية.

    على المستوى العالمي، تواصل الصناعة الكيميائية في النمو في كل من الحجم والتعقيد وتعني الأهمية المتزايدة للمواد الكيميائية السامة في الأنشطة اليومية أن تظل تدابير الوقاية هذه حيوية. يساعد دور التفتيش والتحقق الذي تقوم به منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والمحدد في مرفق التحقق الخاص باتفاقية الأسلحة الكيميائية، على تنظيم الأنشطة التي تنطوي على بعض المواد الكيميائية السامة وضمان قيام الدول بالأنشطة المسموح بها بموجب الاتفاقية. كذلك سيعزز إنشاء المختبر الجديد التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مركز ChemTech، دور المنظمة بخصوص هذا الأمر. يسمح هذا المركز لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالبقاء على اطلاع دائم فيما يتعلق بالتهديدات الحالية، والعمل كمستودع للمعرفة لمواجهة التهديدات الكيميائية، وإجراء أنشطة بحثية لزيادة أنشطة التحقق المرتبطة باتفاقية الأسلحة الكيميائية وتقديم الدعم وبناء القدرات للدول الأعضاء.[4]

    وأخيرًا، بغض النظر عن استكمال التدمير مؤخرًا، فإن الأمثلة الأخيرة لاستخدام الأسلحة الكيميائية على مدى العقد الماضي في الجمهورية العربية السورية وماليزيا وألمانيا والمملكة المتحدة تظهر التهديد المتبقي لاستخدام الأسلحة الكيميائية. تتمتع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بدور الرد على استخدام الأسلحة الكيميائية بموجب الاتفاقية، مثل تقديم المساعدة الطارئة بموجب المادة 10 والتحقيق في الاستخدام بموجب الإجراءات الواردة في المادتين 9 و10. ردًا على الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية في النزاع القائم في الجمهورية العربية السورية، تولّت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عددًا من الأنشطة المهمة مثل بعثات تقصي الحقائق وآلية تحقيق مشتركة وإنشاء فريق جديد للتحقيق وتحديد الهوية. لذا، من المرجح أن تلعب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية دورًا رئيسيًا في الرد على أي استخدام مستقبلي للأسلحة الكيميائية، إلى جانب المبادرات الأخرى ذات الصلة مثل آلية الأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق في الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية والبيولوجية. ويظهر موقف سوريا أيضًا أن هناك تهديدًا هائلاً يفيد بسعي الجهات الفاعلة غير الحكومية لاستخدام الأسلحة الكيميائية كما يتضح من الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية من قِبل تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش.[5] يعد العمل المتواصل لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مهمًا لمواجهة هذا التهديد، مثل عمل بعثة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة فيما يتعلق باستخدام المواد الكيميائية السامة كسلاح في سوريا للتحقيق في حالات الاستخدام المزعوم من قِبل جهات فاعلة غير حكومية.[6]

    بشكل عام، تظل اتفاقية الأسلحة الكيميائية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بصفتها الهيئة المسؤولة عن تنفيذ الاتفاقية، مرتبطتين بشكل كبير على الرغم من الأخبار السارة بشأن التدمير الكامل للمخزون المُعلَن عنه. المنظمة “يجب أن تظل المصدر العالمي للمعرفة والخبرة فيما يتعلق بنزع الأسلحة الكيميائية، والتحقق من عدم امتلاكها وعدم استخدامها، وأن تكون مصدرًا للمعرفة فيما يتعلق بتدميرها.”[7] ولا يزال عملها بالغ الأهمية لمنع الأنشطة التي تنطوي على أسلحة كيميائية في جميع أنحاء العالم ويجب أن يستمر أصحاب المصلحة المعنيون في مشاركة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لتعزيز تنفيذ اتفاقية الأسلحة الكيميائية ولضمان الهدف الأساسي للمعاهدة الذي يتمثل في ضمان خلوّ العالم من الأسلحة الكيميائية.

    [1] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “تؤكد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على: تدمير مخزون جميع الأسلحة الكيميائية المعلن عنها بشكل نهائي”، 7 يوليو 2023، تم الوصول إليها على https://www.opcw.org/media-centre/news/2023/07/opcw-confirms-all-declared-chemical-weapons-stockpiles-verified

    [2] ريتشارد جوثري، “الامتثال لعصر ما بعد التدمير بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية”، في مستقبل اتفاقية الأسلحة الكيميائية في مرحلة ما بعد التدمير، تقرير مؤسسة خدمات المساهمين رقم 15، مارس 2015، صفحة 28.

    [3] VERTIC، “تدابير التنفيذ الوطني لاتفاقية حظر تطوير الأسلحة الكيميائية وإنتاجها وتخزينها واستخدامها وتدمير هذه الأسلحة لعام 1993 (اتفاقية الأسلحة الكيميائية)”، ورقة الحقائق 8، تمت المراجعة في أبريل 2021، تم الوصول إليها على https://www.vertic.org/wpcontent/uploads/2021/04/FS8_CWC_EN_APR_2021.pdf.

    [4] انظر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “مركز الكيمياء والتكنولوجيا” على https://www.opcw.org/media-centre/featured-topics/chemtech-centre.

    [5] أخبار الأمم المتحدة، “أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن كلاً من تنظيم الدولة الإسلامية وحكومة سوريا تتحملان مسؤلية استخدام الأسلحة الكيميائية”، 7 نوفمبر 2018، تم الوصول على https://news.un.org/en/story/2017/11/570192.

    [6] انظر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مذكرة من الأمين الفني، تقرير بعثة تقصي الحقائق في سوريا التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بخصوص حوادث الاستخدام المزعوم للمواد الكيميائية كأسلحة في مدينة مارع، بالجمهورية العربية السورية، بتاريخ 1 و3 سبتمبر 2015، S/2017/2022، 24 يناير 2022.

    [7] منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، “مذكرة من المدير العام: تقرير اللجنة الاستشارية بخصوص الأولويات المستقبلية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، S/951/2011، 25 يوليو 2011، ص 10.

  • ماذا بعد؟

    نشر المعلومات الفنية ومنع المعلومات المضللة

    عالج هذا التقرير 26 من المفاهيم الخطأ بشأن الأسلحة البيولوجية والكيميائية والأطر القانونية ذات الصلة. وقد أكد على الأهمية المستمرة لاتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية في منع انتشار الأسلحة البيولوجية والكيميائية، كما أظهر مدى أهمية انضمام الدول غير الأطراف إلى الاتفاقيتين. وأوضح كذلك تعاريف المصطلحات الرئيسية الخاصة بتنفيذ المعاهدتين ودحض المفاهيم الخطأ عنهما.

    تحرر التقرير في توقيت ذي أهمية لِكلٍّ مِن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، حيث ستُعقد المؤتمرات الاستعراضية لهما في عامي 2022 و2023. تُشكل اجتماعات المعاهدات هذه فرص لتعزيز الصكوك القانونية وتنفيذها وتوفير محفل لتبادل المعرفة. كما نأمل أن تُسهم هذه الدراسة في مناقشات هذه الاجتماعات وأن تساعد في دحض المفاهيم الخطأ الشائعة التي قد يتبناها أصحاب المصلحة المعنيون.

    ومن خلال سياق التقرير بالكامل، يتضح أن المفاهيم الخطأ التي قد تبدو غير ضارة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة. على سبيل المثال، أظهر المفهوم الخطأ 6 كيف يمكن لسوء الفهم بشأن ما يُشكل سلاحًا كيميائيًا أن يقوض الثقة في عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. لقد كان للانتشار الواسع لسوء الفهم عواقب وخيمة على المنظمة، ما أدى إلى اقتحام المتظاهرين لمقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خلال المؤتمر السادس والعشرين للدول الأطراف عام 2021.[1]  جاء الاقتحام ردًا على التقاعس الملحوظ من جانب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيما يتعلق بادعاءات استخدام الفوسفور الأبيض، وذلك على الرغم من أن المنظمة أدلت بعدد من التصريحات ذكرت فيها أنه عند استخدام الفوسفور الأبيض كدخان أو إضاءة أو كسلاح حارق، فإن هذا الاستخدام للمادة لا يقع ضمن نطاق اختصاص اتفاقية الأسلحة الكيميائية.[2] ومن ثمَّ، فإنه حتى سوء الفهم الفني يمكن أن يكون له عواقب وخيمة من الناحية العملية، ما يقوض أمن العاملين في المجال.

    كما أشار التقرير إلى أنه يمكن بسهولة استخدام المفاهيم الخطأ من قبل الجهات المشبوهة لتأجيج حملات التضليل ونشر حالة من عدم الثقة في أنظمة المعاهدات وزعزعة استقرارها.  كذلك تم استخدام المفهوم الخطأ 3 في حملات التضليل للتشكيك في التعاون البيولوجي المشروع عبر الحدود في مجال الصحة العامة والادعاء بأن بعض الدول تنتهك اتفاقية الأسلحة البيولوجية بتطويرها لأسلحة بيولوجية. وأدى الخطاب الإعلامي والسياسي حول منشأ جائحة كوفيد-19 في هذا المجال إلى زيادة المعلومات المضللة، ما أدى إلى تحديات كبيرة لأصحاب المصلحة العاملين على ضمان عدم انتشار الأسلحة البيولوجية. وعلى حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “المعلومات المضللة ليست مضللة فحسب، بل إنها خطيرة وقد تكون مميتة.”[3]

    لذلك، إذا لم ندحض المفاهيم الخطأ المتعلقة بالأسلحة البيولوجية والكيميائية والأطر القانونية ذات الصلة، فيمكن استخدامها لتأجيج حملات التضليل. ونشجع الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية، فضلاً عن الجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة، على معالجة المفاهيم الخطأ من خلال توفير المعلومات الفنية المستندة إلى الأدلة لدحضها. فالخبرة الفنية متوفرة على المستوى الوطني، وفيما يتعلق باتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية. كذلك يمكن للجهات الفاعلة في المجتمع المدني أيضًا أن تلعب دورًا في هذا الصدد حيث أن لديها خبرة كبيرة ويمكنها تقديم وجهات نظر بديلة. إن دحض المفاهيم الخطأ عملية مستمرة وستحتاج الدول إلى تخصيص موارد كبيرة لهذه الجهود. لذلك، يوضح القسم الأخير 21 مثالاً على الموارد التي يمكن استخدامها لتقديم معلومات واقعية عن اتفاقية الأسلحة البيولوجية واتفاقية الأسلحة الكيميائية ولدحض المفاهيم الخطأ والمعلومات المضللة.

    [1] Dr. Ewelina U. Ochab, “We Must Remember The Victims Of Chemical Warfare By Combating Impunity For The Crimes”, Forbes،‏ 24 نوفمبر 2020، راجع https://www.forbes.com/sites/ewelinaochab/2020/11/24/we-must-remember-the-victims-of-chemical-warfare-by-combating-impunity-for-the-crimes/?sh=37269b132b5d.

    [2] المرجع نفسه.

    [3] أخبار الأمم المتحدة، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن بأن “المعلومات الموثوق بها مسألة حياة أو موت”، 12 يوليو 2022، راجع https://news.un.org/en/story/2022/07/1122362.

الشكر والتقدير وإخلاء المسؤولية
تود VERTIC أن تتقدم بالشكر إلى مركز المملكة المتحدة لمكافحة انتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والحد منها التابع لمكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية على دعمه المالي لتطوير هذا المنشور. وتود VERTIC أن تشكر ماريا جارزون ماسيدا وإليساندي نيكسون وجان باسكال زاندرز لمساهمتهم في هذا المشروع. ليس بالضرورة أن تعكس الآراء التي عبرت عنها VERTIC آراء الآخرين. وبالرغم من أنه تم توخي الحذر الشديد في أثناء إعداد هذا التقرير، فإنه بموجب هذا الاستقصاء، تُبرئ VERTIC ذمتها من أي التزام أو مسؤولية تنشأ عن استخدامه بأي طريقة. ستكون VERTIC ممتنة حال إبلاغنا بأية أخطاء أو سهو لنضعه في الاعتبار.
Top